طواحين 38...بقلم الاديب علي غالب الترهوني
طواحين 38…
——————
كانت الساعة قاربت على منتصف النهار.أرادت حنان أن تدافع عن نفسها اولا حين قالت ..أنا احب أمك كثيرا .وأعلم كم أجتهدت من أجلك .تبيع البيض الفائض عن حاجتكم .وتغزل الصوف مقابل بضع دراهم .وهذا ليس عيبا .لكن والدك ترك ورائه عائلة صغيرة .أليس هذا ظلما ..
كأنها تود أن تدفعني ان اخبرها قصة والدها .وأنا محرج جدا .هل أذكر لها رواية البائع الجوال الذي التقاه في الطواحين وهو مازال صغيرا وعرف أنه ينتمي لأسرة يهودية أرادت ان تستولي على بلد الطواحين غير أن الناس هناك تصدوا لهم وتحت جنح الظلام هربوا جميعا تاركين طفلا مصاب بلدغة عقرب ظنوا انه قد مات .تركوه تحت خباء الخيمة وانصرفوا بعيدا ..هل كان يهوديا فعلا ام لا ؟ هذا ما لا يعرفه احد ..لكن ظهوره فجأة من عتال في بلد الطواحين .يستقبل القوافل المحملة بالحنطة والشعير قبل وصولها الي الفراشيني ببضع اميال ليستحوذ على العمل وحده .ارهق الناس الذين تعاملوا معه بعين الشفقة وكان ينام والدراهم تحت رأسه.لكن المريب في الامر اين اختفى هذا الرجل ؟ وعندما عاد كان معه اموالا كثيرة من اين جاء بها ؟ لا اريد ان اخبرها ما يردده الناس عن الصبي الذي جاء معه وهو يقيم في البيت الكبير .هناك أسئلة تثيرنا من الداخل حين نبحث عن اجابة لها .
قلت اخيرا . علينا ان نذهب اخبري امي ارجوك ..
كان المسرب الذي يفضي الى البوابة شبه خال تماما .بضع اطفال فضوليين يرقبون البوابة من بعيد يراقبون الداخل والخارج منها ..في حين وقفت لبضع دقائق وأنا اتوقع ان يلتحق بي الصبي الذي نسيت اسمه في الواقع لكنه ظل بعيدا .كان ينظر إلينا ونحن نجتاز اروقة البيت من الخارج .المساحة كبيرة جدا لا اظنها تكفي لطموحات هذا الرجل المسمى بالبرغوثي .والاسم نفسه يثير القلق خصوصا وأن الخضراء كلها لا يوجد بها رجل يحمل نفس الاسم .لكنهم اخبروني عن عائلة قدمت من بعيد وكان معهم طفل صغير واقامت في ظاهر الكنيسة وكان لقب هذه العائلة بنفس الاسم .والناس يعرفونهم بعائلة البرغوثي .اجارنا الله ان لا يحكمنا هذا الرجل .لانني سمعت انه ينوي ترشيح نفسه للبرلمان .
زوجة البرغوثي سيدة لطيفة .تزوجت بعد ان مات زوجها الاول اثر حادث سير وهو يجتاز الطريق العام في منطقة قصر بن عشير ..السيدة عليها اطلال جمال ريفي .ما بين حاجبيها رسمت نجمة خضراء.وعلي لحيتها خط طويل مثل جذع نجلة عراجينها تنتهي بين شفتيها .وفي ظني انها لازالت جميلة .سمع بها البرغوثي من تاجر جوال .واعطاه وصفا لبيتها القابع تحت شرفة قصر دوغة وسط الارخبيل الممتد من المرتع الجبلي وحتى حدود النهر والعيون الدافقة بالماء العذب ..لم ار بلدتها الجميلة لكنني رايتها هي وهي صورة عن مدينة رائعة الجمال ..
————
على غالب الترهوني
بقلمي
تعليقات
إرسال تعليق