لحن الحياة....بقلم الأديب عبد الستار عمورة


 قصة قصيرة

لحن الحياة

كان الوقت وقت ضحى من أواخر شهر أيّار،تشهّت نفسي لأكل ثمار التّوت النّاضجة.

ولجت باب الحديقة،فرشت فرشا من النّايلون الشّفّاف،ورحت أنفض أغصان الشّجرة بقصبة طويلة وجدتها هناك.

تناثرت الثّمرات وتراقصت كندف الثّلج العذراء،أقبلت منكبّا في التقاطها ووضعها في جفنة من نبات الحلفاء:

-أنت الشّجرة الوحيدة الّتي يساء إليك على جنبات الشّوارع من كسر لأغصانك الغضّة الطّريّة،ورميك بالحجارة طول اليوم من طرف الأطفال من دون رحمة ولا شفقة،ورغم هذا تطعميهم في كلّ مرّة رغم جهامتهم.

-فما أعظمك!وما أكبر كرمك الباذخ!

تناهى إلى مسامعي لحظتئذ صوت طرب له شغاف قلبي وعزف على نياطه حنيني السّرمديّ؛صوت ألفته منذ احتوتني في أحشائها،وغنّت لي أغنية:"لحن الحياة".

اقتربت منّي،قبّلت جبينها،لم تعد تهتمّ كثيرا بهندامها منذ ان تخطّت العقد الثّامن.

وقفت بجانبها،أخرجت هاتفي الخلوي لألتقط معها"سيلفي"،لم تكن مكترثة في الأوّل أو ربما لم تكن تدري،لكن في المرّة الثّانية أحرجت وراحت تصلح من سرابيلها الغير منتظمة:

-أريني أرى الصّورة،امسحها،لم تعجبني،لا أبدو فيها جميلة!

رغم نظرها الضّعيف وسمعها،لكنّها طلبت منّي أخذ صورة ثانية وثالثة..حتّى رضيت أخيرا ببعضها،وطابت نفسها.

ابتعد الهمّ عن صدري بعد أن جثم عليه سنين عددا وهي بجانبي مبتسمة ضاحكة للحياة،تلوك الثّمرات الواحدة تلو الأخرى وفي كلّ مرّة تمدّني بواحدة:

ذق هذه،إنّها مثل العسل!

أخرجت زفرات بعد أن جثوت على ركبتيّ:

- أنت الأحلى! وأنت الأجمل!وأنت الأمل في هذه الحياة المخاتلة.

الأديب:عبد الستار عمورة الجزائر

18حزيران2023

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تواطؤ الضوء مع ظلك...بقلم الشاعر جبران العشملي

اِنتظرتك...بقلم الشاعر صالح دويك

رفقا بنا يازمن....بقلم الشاعر البشير سلطاني

يامصر لك كل الأشعار والأدب...بقلم الشاعر حسين نصرالدين

كيف أنساك...؟!!!...بقلم الشاعر معمر حميد الشرعبي

مناجاة صب...بقلم الشاعرة روضة قوادر

مهلا...!....بقلم الشاعر محمد مطر

بيني وبينك...بقلم الشاعر حسن الشوان

المدينة الحالة.. بقلم الأديب والشاعر/محمد أحمد الرازحي رزوح

المحبة....بقلم الاديب إبراهيم العمر