كذبة الزمن ونظرية الإستهلاك..الكاتب/محمد حسان

 

محمد حسان

كذبة الزمن ونظرية الاستهلاك 

من أكبر الأكاذيب التي خدعونا بها هي أن الزمن يمر وهو من يؤثر فيما حوله حتى الإنسان نفسه، إذا فكرنا مليا في النظر إلى مفهوم الزمن نجد أننا سنحتار في تفسيره، فالزمن ليس له وجود في واقعنا سوى ما تواضعنا عليه من أنه مرور الوقت، لا نعرفه ولا نستطيع أن نصل إلى تفسيره، لكن نفسره بأننا نجد أثره في كل ما يحيط بنا، فإذا نظرنا لأنفسنا بعد فترة كبيرة نجد تغيرات في ملامحنا وحتى تغيرات في تفكيرنا ونرجع السبب إلى مرور الزمن، وأرى خطأ هذا؛ هل الزمن ثابت ونحن من نتحرك حوله فنستهلك أجسادنا وتفكيرنا فنهرم وتتغير ملامحنا؟ أم نحن ثابتون وهو يدور حولنا؟ إذا كان هو ما يدور حولنا فنحن في سكون وهو المتحرك فعلى هذا هو الذي يهرم ويمر لا نحن، وأما إذا كان هو الثابت ونحن من نتحرك  فكذا التأثير ليس منه، وما أميل إليه أن الزمن ثابت لكنه متكرر فطلوع الشمس وغروبها  شيء واحد لا جديد فيه لكن المتحرك هو نحن ومن هنا أرى أن ما يحدث من تغيرات ليست بفعل الزمن ومروره إنما من الحركة الداخلية لنا؛ فاستهلاك الجسد في الأعمال والعقل في التفكير هو ما ينتج عنه هذه التغييرات في ملامحنا حتى في الجمادات فنجدها تتغير ليس لمرور الزمن لكن لاستهلاكنا لها ولعوامل الطبيعة التي تمر عليها فينتح هذا التغير، فمن هنا نجد أن الزمن لا قيمة له في ذاته، ولا تأثير له في ذاته إنما هو شكل ونمط متكرر يبدأ من حيث انتهى، فنجد بعض الأشخاص رغم كبر سنهم إلا أن ملامحهم ما زالت أصغر من ملامح من هم في نفس مرحلتهم السنية لكن الاختلاف الوحيد هو حجم الاستهلاك بين الشخصين، هذا كان مرفها قليل الاستخدام لمواده الجسدية والعقلية وهذا كان منهكا استخدم أقصى حالة من الاستهلاك، وأقرب من هذا لو جئنا بسيارتين من نوع واحد وحالة واحدة وحافظنا على واحدة دون استهلاك والأخرى استخدمناها بعد فترة من الوقت نجد ما احتفظنا بها كما هي والأخرى ظهر عليها التغير هذا ليس لمرور الزمن لكن لطبيعة الاستهلاك للشيء نفسه، فكل شيء له استهلاك يزيد وينقص من شخص لآخر، ومن هنا نجد نظرية الخلود في الجنة والنار فهناك لا زمن إنما الاحتفاظ بحالة واحدة لا تتغير، لأن هناك عملية حفظ إلهي لأهل الجنة حفظ في حالة نعيم وأهل النار حفظ في حالة  عذاب دائم، فالله يحافظ على استهلاك أصحاب هذه المرحلة فأجسادهم في حالة سكون خارح نطاق الاستهلاك، من هنا نجد أن الزمن من داخلنا لا من الخارج فالزمن الحقيقي هو مقدار الاستهلاك للشيء نفسه إنسان أو غيره مما حوله، حتى الموت لا سن يبلغه الإنسان ليموت فيه إنما هو يأتي للصغير والكبير؛ بل والطفل في مهده، فالموت لا وقت له ولا زمن فهو ميقات وضعه الله لا علاقة له بزمن، وأكبر دليل على ذلك ما حولنا من جبال وبحار احتفظت بحالة ثبات وحفظ فلا تأثير عليها رغم تناوب الليل والنهار عليها وهذا لثباتها وعدم استهلاكها، فعلى هذا يجب على الإنسان أن ينظم استهلاك نفسه إذا أراد أن يبطئ التغيرات التي تتطرأ عليه، لأنه هو من يسرع في هرمه وكبره فزمن كل إنسان هو مقدار استهلاكه لنفسه سواء استهلاك فيما هو مفيد فعليا ليتعايش هذه الحياة أو استهلاك فيما ليس مفيد. ومن هنا يجب أن نجعل الاستهلاك فيما يفيد وبقدر الحاجة، وقد لخص ذلك الله في كتابه بقوله( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها) فالاستهلاك لا محالة موجود لكن يجب الاعتدال والحفاظ في الاستهلاك.

بقلمي / محمد حسان

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تواطؤ الضوء مع ظلك...بقلم الشاعر جبران العشملي

اِنتظرتك...بقلم الشاعر صالح دويك

رفقا بنا يازمن....بقلم الشاعر البشير سلطاني

يامصر لك كل الأشعار والأدب...بقلم الشاعر حسين نصرالدين

كيف أنساك...؟!!!...بقلم الشاعر معمر حميد الشرعبي

مناجاة صب...بقلم الشاعرة روضة قوادر

مهلا...!....بقلم الشاعر محمد مطر

بيني وبينك...بقلم الشاعر حسن الشوان

المدينة الحالة.. بقلم الأديب والشاعر/محمد أحمد الرازحي رزوح

المحبة....بقلم الاديب إبراهيم العمر