الرحيل الخفي((قصة قصيرة))...بقلم الكاتب زهير جبر
قصة قصيرة / الرحيل الخفي
بقلمي / زهير جبر/ العراق
ليس مهمًا أنا... أشياؤك الأخرى أهم.
هكذا كتب لها في لقائه الأخير، ثم أغلق هاتفه مرددًا بصوت خافت:
لم تكن هكذا... لم تكن.
استرخى قليلًا محاولًا تهدئة نبضه المضطرب، ثم فتح مذكراته يدون أفكاره على أوراقه الشاحبة. عندما هم بالكتابة، أدرك أن قلبه الضعيف لم يعد يحتمل عناء جديدًا. حاول أن يترك كل شيء خلفه: ذكرياته، أوجاعه، وحتى حنينه. فكر في السفر بعيدًا، في البحث عن أشياء تنسيه ما مضى.
كان يعيش في دوامة أفكار لا تنتهي، تأخذه ثم تعيده دائمًا إلى نقطة البداية.
لم تكن هكذا... لماذا تغيرت؟
سؤال ظل يطارده كظله.
أيعقل أنها كانت كذبة؟
أم أنها اظهرت حقيقتها الآن؟
غير مصدق لما جرى، تجرأ أخيرًا على الاعتراف لنفسه:
نعم، هي كذلك...
كم من مرة تركتني وحيدًا ورحلت!
كم مرة حاولت أن تتحرر...
فهي لا تحب القيود.
السفر كان دومًا غايتها. لتأخذ حريتها إذا وتعود إلى أيامها الجميلة، تلك التي تشتاق إليها وتذكرها دائمًا.
فكر مليًا في الأمر، وعادت إليه حقيقة موجعة:
عندما يصبح الشريك هامشيًا، مجرد شيء ثانوي، تتعطل إدارة الحياة بينهما. وحين تسيطر المادة على التفكير، ويصبح كل شيء قابلًا للقياس بأنفاس مادية بحتة، تضعف الرابطة العاطفية شيئًا فشيئًا. عندها، تتصحر أرضهما وتجف، فلا تعود صالحة لأي شيء.
تنهد بعمق، زفر، حسرة أثقل من أن يحملها صدره، ثم ختم مذكراته بعبارة واحدة:
الآن... انتهى كل شيء.
تعليقات
إرسال تعليق