جروح كامنة..بقلم الأديب د عبدالستار عمورة
جروح كامنة..بقلم الأديب د عبدالستار عمورة
جروح كامنة
لم أعد أهتمّ بشيء..لا بسحنتي ولا بشعري
الأشيب ولا بكاهلي الأعجف ولا بسربالي
الرّثّ ولا بحذائي الّذي يتناغم كحدوة
الحصان من كثرة المسامير.
صباح بارد هذا اليوم من أيّام شهر
مارس،الّذي يزيّنه زهر
الّلوز المبكّر ببتلاّته البيضاء النّاصعة وقلبه
الوردي، فيمتزج الّلونان ليسحرا العيون
ويفتنا النّاظرين.
رئفت به هذه المرّة،لكن شددت على يده كي
لا يتيه وتخبله الهموم..إنّه يقلّدني ولا
يتركني أبدا إلّا في أوقات الظّلام أو عند
احتجاب الشمس؛لكنّه يرقص مع ضوء القمر
ويجنّ جنونه مع تراقص ضوء الشّموع.
طفق يمازحني ليؤجّج شعوري الكامن،
طاوعتني نفسي بجمع بعض الزّهرات
الرّبيعيّة الصٌغيرة وأوراقها..وضعتها في
حافظة "الألبوم"كهواية لمجاراة الملل مع
بعض أوراق أشجار الخريف الّتي كنت قد جمعتها شهر أيلول.
ولجت أقدامنا المدينة النّاعسة،وهي مزدانة
بأنواع شتّى من الأزهار البريّة.. أبت إلّا
أن تتوّجهم بأكاليلها المبهجة..نافثة شذاها
لتنعشهم و الأحياء؛جثمت وأنا أتململ
كطائر"القرقف"الصّغير ذو الّلون الأزرق لقد
هوى من العشّ طالبا لقمة يسدّ بها جوعه
بعد عراك مرير مع أترابه من الفراخ الأخرى
المتوتّرة والمعتوهة.
نظرت صوب كلّ الإتّجاهات..سكون رهيب إلّا
من عويل هواء هبّ لتوّه،تجاوبت معه
أوراق شجرة صفصاف باسقة ضخمة الجذع
حيث أحدثت جلبة، عزفت بها على اوتار
الرّبيع الضّاحك؛ لكن شعوري هذه المرّة
أضحى مصقعا كامنا رغم دبيب الحياة.
مددت بدي لجيب قميصي الأبيض،فوجدت
قلمي قد سال ملطّخا بحبره الأزرق بقعة
كبيرة من ثوبي.
لقد نزف هو الآخر..لم يرد البوح عمّا بداخله.
بكمت الحروف ولم تعد قادرة على الحكي
بل فضّلت الصّمت الأبدي؛بومة بيضاء
مبتورة السّاق، مختفية وراء رمس قديم.
رفرفة جناحيها أحدثت صريخا هوّل قلبي
الجامد..
غراب فوق شاهد آخر من الجهة الأخرى
يتحيّن الفرصة.
د.الأديب عبد الستارعمورةالجزائر
25(04/2023
تعليقات
إرسال تعليق