رحيل مؤجل...بقلم الشاعر منجي الغربي
*** رحيل مؤجل ***
إن كان الرحيل ضروريا ...
فأمهلني قليلا يا صديقي
أمهلني كي أحزم حقائبي
أمهلني كي أُلملم أوراقيَ المتناثرة
أمهلني كي أتم كتابة
آخر سطر لقصيدة العشق الأخيرة
لا تتسرع الرحيل .
فالطرقات المقفرة
تمل المارة قبل مرورها .
و الساحات المترامية أطرافها
تشتكي السكون القاتل مع سكونها .
لا أحد يستطيع الضحك و الأبتسام .
فالكل سكون ... يتلوه سكون ...
يقتله سكون
لا عليك يا صديقي سأبدء الإنسحاب
مع إنتهاء القصيدة ...
فلا تغلق الأبواب قبل فتحها ... أ لا فتمهل .
و لا تترك رسائلك بيضاء بلا كتابات و اختمها ... أ لا فتذكر .
لمَّا كان الرحيل ضروريا ...
الكل يعلم اننا كبرنا و أصبح الرحيل ممكن .
لمَّا كنا صغارا ، كنا نظن اننا لن نكبر .
و مضى العمر و لم نشعر ...أ لا فتذكر .
كبرنا و كبرت شجرة السنديان معنا .
كبرنا و ظلها لم يفارقنا ...
يحمينا كلما إليها أتينا ...
ينحني معنا اينما انحينا ...
يعانق ألعابنا مثلما اشتهينا ...
لمَّا كان الرحيل ضروريا ...
وقفتُ و حقيبتي و شجرة السنديان و ضلها و الذكياتُ تعانق الذكرياتَ ... تتسارع في كل الإتجاهاتِ كجواد جامح يطوي الروابي الخضر في كل فصل ... يسابق أسراب العصافير .
أسرابا ترفرف ...تهرب منا ... تخبِّؤُها شجرة السنديان ....تحرسها ... تهدهد لها فراخها ... تُعلِّمُ الفراخ الطيران و الصبر ...
تكبر الفراخ فتهجرها ...
نحو الأفق الرحب تهجرها ..
لمَّا كان الرحيل ضروريا ...
توقفت بقرب الشجرة
أرقب الصبي كيف كَبُرَ .
توقفت فتسلل الظل و لم أشعر .
تسلل يسترني عن الشمس حتى تعبر .
لمَّا كنا صغارا و كان ظل السنديانة يتبعنا
يراقب تحركاتنا ...
كان شاهدا على قصص العشق الطفولي ..
كان رقيبًا على حب حتي يكبر .
كان متسترا على قبلات عشق تسرق فتسحر ...
لمَّا كان الرحيل ضروريا ...
كان عليا ان احمل حقائب ذكرياتي ...
ذكريات كهل يحن ان يكو أصغر ...
أحمل الكل و أرحل ... فلسوف أرحل ...
( منجي الغربي )
....تونس / جربة .. 30 / 03 / 2025 ...
تعليقات
إرسال تعليق