الدجاجة الرجاء.. قصة... بقلم الكاتبة/نعيمة غنيات

 .......الدجاجة العرجاء .............

كان يا مكان في قديم الزمان يحكى أن ديك نصبته الديوك قائدا للقبيلة لحنكته و نشاطه و سرعه حركته .

و كان هناك أربعة دجاجات يتميزن بخفتهن و صحة أجسادهن اختارهم الديك سيدات القبيلة لأن بيضهن ذو جودة عالية ، و هذا ما رفع من قيمتهن و علو شأنهن ، و خاصة الدجاجة البيضاء ، التى لا يضاهيها أحد، و هذا ما نتج عنه الغيرة من الدجاجات الثلاث ، و في أحد الأيام خرجن إلى المزرعة و بينما هن يبحثن على الطعام ابتعدن قليلا و إذ بثعلب ماكر تهجم عليهن ، الدجاجات الثلاث حالفهم الحظ هربن أما الدجاجة البيضاء تهجم عليها و حاول أن يأكلها لكنها بفضل حنكتها، أصابته في عينيه بمنقارها حتى فقد البصر و شاء القدر أن تنجو ، لكنها تعرضت لجروح بليغة ، خاصة على مستوى الفخذ و خلال عودتها إلى الخم نزفت كثيرا و عند وصولها أغمي عليها ، لكن بالاهتمام و الرعاية الصحية و مع الأيام تجاوزت مرحلة الخطر ، لكن للاسف أصبحت عرجاء و نحل جسدها و تشوه .

  تمشي بصعوبة و ما حز في نفسها كثيرا التنمر و السخرية التى تعرضت لها من طرف الدجاجات الثلاث، و اهمال و تجاهل الديك لها ، و لم يعد يستشيرها و لا يهتم لأمرها بعدما كانت ذات منصب و شأن كبير ، و اليوم بسبب إعاقتها و مظهرها لم تعد لها أهمية ، حزنت كثيرا لكن ما باليد حيله الكل ينفر منها بقيت سنة على هذا الحال فقدت مكانتها و الديك لم يعرها أي اهتمام، بل يراها عبء و ثقل و كانت ترى في عينيه الإحتقار و الكراهية .

  في أحد الأيام زاره ديك من القبيلة المجاورة يشتكي من تهجم الثعالب و تكبد خسائر كبيرة و تعرضه إلى أضرار، و طلب المساعدة من الديك أن يعير له دجاجة من الدجاجات الاربعة بعدما شاع الخبر عن انتاجهن بيض ذات نوعية جيدة ، و ترجى الديك أن يعير له احدهن، تبسم القائد و قال له أكيد يا صديقى لماذا نحن أصدقاء، لديا دجاجة عرجاء فهي لك بالمجان ، خذها هدية ، خرج باتجاه الدجاجات و قال لهن لا أريد اخبارها الحقيقة لا أطيق منظرها ، قلن لها أن الديك بعثك في مهمة لمدة شهر ثم تعودين معززة و مكرمة إلى القبيلة .

 يضحك باستهزاء و يقول تخلصت منها بسهولة، منذ زمن أريدها أن تغادر و تمنيت أن تأكلها الثعالب. فهي لا تصلح للبيض و لا للحم ، إنها عالة عليّ و على القبيلة، تبسمت الدجاجات و فرحن بشدة و قلن للديك لقد فزنا و إنتصرنا ، سمعت كلامه و كلامهن حزنت كثيرا ، و حدثت نفسها: عندما كنت جميلة و أبيض كم كان فخورا بي ، و لما تعرضت لهذا الحادث الاليم نسى جهدي و تعبي و نصائحي التى بفضلها هو اليوم قائد و القبيلة تحتل المراتب الأولى..........

 أخبرتها إحدى الدجاجات ، ابتسمت و قالت سمعا و طاعة ، خرجت من القبيلة و الحسرة تقطعها و تخنقها لكنها تخفى حزنها العميق ، بينما هي في الطريق، التفتت ورائها و إذ بها تسمع قهقهات متعالية، زادت في جراحها و ألمها،تمشى ببطء رويدا رويدا، حتى ابتعدت عن قبيلتها.  

 دخلت إلى القبيلة الأخرى ، لقت استقبال و استحسان من أهلها و عاملوها برفق و لين حتى تحسنت حالتها ، و مع مرور شهر ، استعادت صحتها و تقوى جسمها و بعد أيام غابت تفقدها الديك ، بحث عنها في كل مكان لن يجدها ، و في اليوم العاشر دخل خم مهجور و جدها ميتة حزن عنها كثير ، قلبها وجد تحتها عشرة بيضات من ذهب ، فرح للبيض لأنه في وضع مالي سيء .

بكى بحرقة شديدة عاشت في القبيلة شهرين عرف قيمتها و احترمها كثيرا لحسن أخلاقها و تدبيرها 

كانت تخفى سر كبير ، و في عينيها حزن دفين ، قليلة الكلام لكن إنجازاتها خير مثال .

  استعاد الديك قوته و مكانته بفضل الدجاجة العرجاء التى انقذته من الإفلاس و أصبحت قبيلته يضرب بها المثل في قوة اقتصادها ، و لما سمع الديك الخبر ندم لتفريطه و تجاهله لها و التخلص منها، و هي التى تحمل في أحشائها المال و الثراء.

   أصيب بنوبة قلبية كاد أن يموت و مع الوقت قبيلته فقدت هيبتها و مكانتها بعدما تسرب خبر احتقار و سوء المعاملة للدجاحة لاعاقتها و كيف تخلص منها بكل قسوة و لم يحترم شعورها و هي جوهرة رماها و لم يعرف قيمتها إلا بعد خسارتها و تنحى من منصبه ، و هذا جزاء التسرع و عدم الإخلاص للآخرين و من لا يعرف قيمة النبلاء و الحكماء

نعيمة غنيات الجزائر

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تواطؤ الضوء مع ظلك...بقلم الشاعر جبران العشملي

اِنتظرتك...بقلم الشاعر صالح دويك

رفقا بنا يازمن....بقلم الشاعر البشير سلطاني

يامصر لك كل الأشعار والأدب...بقلم الشاعر حسين نصرالدين

كيف أنساك...؟!!!...بقلم الشاعر معمر حميد الشرعبي

مناجاة صب...بقلم الشاعرة روضة قوادر

مهلا...!....بقلم الشاعر محمد مطر

بيني وبينك...بقلم الشاعر حسن الشوان

المدينة الحالة.. بقلم الأديب والشاعر/محمد أحمد الرازحي رزوح

المحبة....بقلم الاديب إبراهيم العمر