الرحيل حكاية بلا صوت...بقلم الأديب والشاعر خالد عبد اللطيف


 الرحيل حكاية بالصوت...


رأسك اشتعل شيبا ياعباس،وماتزال المحاضر تتبعك،وانت تقول لي انها هي من تتبعني،يلاحقك طنينها في الأذنين،وتتسبب لك ارتخاء في عضلة القلب،وارتفاعا في الضغط والسكر .يثرثرون حولك كثيرا وأنت لاتتحمل ثرثرتهم،انت تعرف انهم يتدخلون في كل شئ ،وهم لايفقهون شيئا،يفتون في الفارغ اكثر من افتائهم في القضايا المهمة،يتفوهون في المقاهي،ويكثرون من الغيبة والنميمة.يهربون من زوجاتهم وابنائهم ،يفرون من عشيرتهم وقبائلهم،يضحكون بلاسبب،ويرقصون بغير ايقاع ولاموسيقى،لايصدقون ان المدينة قد احتضنتهم،يوميا تكتظ بهم المقاهي...كأس القهوة الموضوع امامهم،وقنينة الماء،وابتسامة النادل وخدماته،توهمهم ان ارتقوا الى القريا وبلغوا الشعرى في عليائها...افواههم مفتوحة تحتفي باضواء المقاهي والشوارع،يحركون اذرعهم واعناقهم كيفما اتفق،ولولا الحياء والخوف من سخرية الاخرين لأطلقوا زغردات...
كرهتهم ياعباس أكثر من أي وقت مضى...كرهت تلك الآلات التي تكتب قصة حياتك،وتدون مسارك،كرهت من يراقب حركات عينيك وحاجبيك،نفس الطنين واللغط والصراخ،ولايتوقف الصجيج الا بعد ان يؤدي الهاتف مهمته،اما الاخر الذي يئست الانس والجن والملائكة من اصلاحه،وانقاد العالم من شره،فقد تكلم بكلام لايصدر الا من شخص اناني  مغرور،وحدها الصدفة قادته الى الوظيفة،وظل لصيقا بحزب يقتات منه حتى لم يبق منه إلا العظام،حتى قال له بعض الساخرين "قم بخلخلة العظم عسى ان يخرج لك منه مخ"
مللت كلام هذه المخلوقات البهيمية ياعباس،كرهت صاحب البطن المندلقة التي تحدت حزام السروال...في مجمع  الاشرار،قال لهم"هذه الماكينة مخصصة فقط لأكلة لحم الضأن والحجل والسمان"
حاولت جاهدا تجنب هذه الغرف الباردة ياعباس،ولكن ما كل مرة تسلم الجرة،تعبت من تعليقاتهم ،ومن تفاهة مواقفهم،فهم من الصنف الذي يجعل من الحبة قبة،وصاحب البطن المتدلية كامرأة حامل،عاش نفس الموقف،ولكنه فضل التكتم على ملفه،حتى لايكتبوا حوله ملحمة أشبه بملحمة جلجاميش أو الأوديسة والالياذة،كاد ان يختنق في السيلون ويقضي حتفه،ولم يخرج الا بمعجزة.
صعب جدا على القطيع أن يفهم مايدور حولك ياعباس،فيكتفي بشرح الانحراف ودواعيه،ليكون الجزاء من جنس العمل،احتفال كالعادة بأكل الجيف.
مرات كثيرة قلت لك ياعباس ابتعد عن هذه الكائنات الشيطانية..التي لاتجد لذة الا في التلذذ بمصائب الاخرين...وتجنب النقاش مع العقبات الكأداء،ولكن هذا قدرك في مستنقع آسن مليء بالعناكب البشعة..
خالد عبداللطيف.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تواطؤ الضوء مع ظلك...بقلم الشاعر جبران العشملي

اِنتظرتك...بقلم الشاعر صالح دويك

رفقا بنا يازمن....بقلم الشاعر البشير سلطاني

يامصر لك كل الأشعار والأدب...بقلم الشاعر حسين نصرالدين

كيف أنساك...؟!!!...بقلم الشاعر معمر حميد الشرعبي

مناجاة صب...بقلم الشاعرة روضة قوادر

مهلا...!....بقلم الشاعر محمد مطر

بيني وبينك...بقلم الشاعر حسن الشوان

المدينة الحالة.. بقلم الأديب والشاعر/محمد أحمد الرازحي رزوح

المحبة....بقلم الاديب إبراهيم العمر