رمصان وفرصة تزكية النفس....بقلم الأديب والشاعر سعيد محتال
رمضان وفرصة تزكية النفس
يعد رمضان فرصة ليقبل الانسان على الثوبة ورد المظالم الى أهلها، والإسراع الى ذلك بطلب السماح والصلح مع الناس، وهذا فيه تطهير للنفس من دنس الكبرياء ، مادام الشيطان مصفدا عاجزا عن التأثير فينا، محصونين بحمى الرحمن، فقط علينا ان نعترف بذنوبنا ونتخلص منها بسرعة، فالاعتراف بالذنب فضيلة.
لهذا لم يكن الصيام مقتصرا على الامساك عن شهوتي البطن والفرج فقط، فلابد من تجنب اللغو والرفث.
فرمضان مدرسة عظيمة جامعة ، نتعلم فيه خصال حميدة، يقوي نفوسنا ويهذب أخلاقنا، ويسمو بها الى التقرب من الله أكثر. ويعيننا على مجاهاة النفس وعلى مخالفة الهوى، والبعد عما حرم الله ونهى عنه.
ولابد من حفظ الصوم وصونه من كل دنس او نقص ما دام أجره كبير ، فكما تصوم حواسنا ، عليها أن تصوم جوارحنا أيضا صيام مودع راغب في لقاء الله جل شأنه، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم:" رُبّ صائم حظه من صيامه الجوع والعطش، ورُبّ قائم حظه من قيامه السهر".
وقد أرشدنا رسولنا الصادق الأمين الى طريقة حفظ صيامنا حين قال:" إذا أصبح أحدكم يوما صائما فلا يرفث ولا يجهل ، فإن امرؤ شاتمه أو قاتله فليقل إني صائم إني صائم" الحديث
فالواجب هو صيانة صومنا من كل المحظورات، من غيبة ونميمة ومن سائر المعاصي ، امتثالا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:" من لم يدع قول الزور والعمل به، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه ". الحديث الذي رواه البخاري
إذن نحن ملزمون بترك قول الزور وكف اللسان عن الأذى. فكيف نريد أن يغفر لنا سبحانه ما تقدم من ذنوبنا ونحن ما زلنا مصرين على شهادة قول الزور والحديث في الناس وتتبع عوراتهم، وإلحاق الأذى بهم، قال جابر رضي الله عنه: " إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب والمآثم، ودع أذى الجار، وليكن عليك وقار وسكينة يوم صومك، ولا تجعل يوم صومك ويوم فطرك سواء."
فالصوم عبادة ليست كسائر العبادات، التلبس بها يتطلب الابتعاد عن الرياء ، والصبر والاحتساب وقت أدائها ، فهي سر بيننا وبين الله ، يتطلب الاخلاص في النية والصدق في العمل، والسلوك الحسن، فلابد من صونه من كل ما يجرحه وينقص ثوابه، حتى نؤديه كاملا لنفوز بما وعدنا به الرحمن.
خلاصة القول
إن أهمية استحضار قيمة الإيمان والاحتساب في الصيام والقيام تظهر من جهة أن النبي صلى الله عليه وسلم نبّه عليها ثلاث مرات فذكرها في حديث الصيام مرتين ومرة في حديث القيام الليل ، فلا يليق بنا أن تمر هذه الأحاديث المنبهة على الايمان والاحتساب دون أن تترك الأثر القوي في نفوسنا، أو أن نستحضرها في أفعالنا، فكيف نريد الفوز بالجنة وأقوالنا وأفعالنا تخالف ذلك، فلابد ان يكون الايمان هو المسير والقائد لسلوكنا وموجهها ومرشدها، وإن بدا لنا ضعف أو تقصير نلتمس العون والسداد من الله، هو ولينا ومولانا ، وحتى يتحقق لنا ذلك علينا ترك قول الزور والفواحش والتحصن بذكر الرحمن، وتلاوة القرآن والاكثار من الاذكار والاستغفار ، حتى تصبح ألستنا رطبة بذكر الله . وكل نقص أو ثقل نشعر به إنما هو من ضعف إيماننا ، أو سوء نية احتسابنا، فعلينا أن نبحث حينها عن مصدر التقصير في العمل من أجل سدّه وإصلاحه قبل فوات الأوان. وبالتالي لا نحرم انفسنا هذا الخير في هذا الشهر الفضيل، فالمحروم من حرم فضل الله تعالى ورحمته ومغفرته وعفوه.
فصل اللهم على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين صلاة تنجينا من كل سوء وتبعد عنا شر البلاء
سعيد محتال
تعليقات
إرسال تعليق