صمت العيون..بقلم الاديب/حيدر فليح الشمري
صمت العيون
حيدر الشمري
جلستُ أمامها وهي تنظر لي بتلك العينين الحادتين ، تترقب ما هي ردة فعلي اذا قالت لي ما سوف يحدث ، بريق عيناها الزرقاء تتلألأ مثل ضوء شمس استمد لونه الأزرق من تحطم مجرة كانت في الأزل قائمة قبل أن تتفتت إلى أشلاء متناثرة ، تنظر لي تارة وإلى ذلك الفنجان الذي وضعته على طاولة أمامي بيدها التي أصابتها رعشة خفيفة تكاد لا تُرى ، ليهتز جسدها دون شعور ليفضح يدها ، ابتسمت لتخفي ذلك كله فتحركت شفتاها وارتفع جزء من إحدى حاجبيها لتخرج اولى كلماتها لا تخف لتسكت من جديد كليل أطبق جدائله على صحراء فارق القمر سمائها ذلك اليوم .
ما زلتُ أنظر لها بتلك العينين الناعستين حد الشوق العذري ، متعجب من زرقة عينيها وجمال جسدها ، لا بخجل ، بل نظرة منتشي جاهز لسماع صوتها الذي يشبه عزف عود حزين .
تلك الزرقة تكاد تخفي علامات الخجل بعينيها ، لكنها ما زالت تنظر لي بلا حياء ، تفترس جبهتي ثم وجهي لتستقر بعدها لعيني ، لتعيد النظر وكأنها رسمت دائرة حول رأسي لا تريد الخروج منها أو التنازل ببعثرتها ، تنظر كما أنظر لها ، أنا كجائع ، وهي متعطشة لأمر لم أستطع تحديده .
السكوت ما زال يهذي كمريض أجريت له عملية وبدأ يفيق من البنج الذي جعله يغط في نوم عميق لا يشعر بما فعله الجراح في إحدى زوايا أحشائه الداخلية ليتفوه بما لا يتذكر من كلام ، كغريق عندما يغطس رأسه في الماء فلا يسمع أي صوت سوى سكون الماء الذي يغطي جسده كله ، أو كقناص يريد أن يصيب عدوه فيغلق أذنيه وفمه ويسكن جسده ويبقي عينه مفتوحة في منظار سلاحه فيقطع حتى نفسه قبل أن تخرج تلك الرصاصة القاتلة من فوهة قناصه .
ما زالت عيناها بدائرتها دون ملل ، وعيناي بوقاحتها ، وفنجاني على طاولتها ، مددت يدي لاسحب يدها ، فاحسستُ أن أحدهم ايقضني وهو يقول لا تخف ، كُنتَ تحلم ، فتحتُ عيناي لأجد نفسي على فراشي الجديد ....!!
حيدر فليح الشمري
تعليقات
إرسال تعليق