مسرحية اَدم وحواء والشيطان(الجزء الاول).....بقلم الكاتب ناجي السمباطي


 **مسرحية(آدم وحواء والشيطان ): من وحى الخيال وفيها عظات عديدة

**********************************************************

**بقلم: د.ف(دكتوراه فخرية):ناجى عبدالسلام السنباطي

********************************************

**مسرحية  من تأليفي نشرت في كتاب نظرات أحباب الصادر في الكويت عن المطبعة الأهلية عام 1980 ولطول المسرحية للنشر الرقمي سأقسمها إلى حلقات(عرضت المسرحية على المخرج الكويتي  عبدالعزيز المنصور  في حينه  وطلب تعديلات قمت بها  لعرضها على خشبة المسرح ولكن مرضى وسفري لمصر حينئذ  اوقف عرض المسرحية والمكتوب هو النص الأصلي قبل التعديل المشار إليه

*********************************************************

مقدّمة

القصّة التّاريخيّة أن الشّيطان رفض الإنسان وحاول غوايته، وهنا كلّه من وحي الخيال.

مسرحيّة من ثلاثة فصول.:

*************************

الفصل الأوّل: في الجنة

المسرح معدّ بديكور يتلاءم مع طبيعة الموقف... الجنّة بمباهجها... ويجب على المخرج أن يتخيّل كيف تكون الجنة كما جاء في القرآن الكريم بشأنها... ومن الممكن أن يستعين ببعض الأفلام الخلفية الَّتي تبيّن مدى جمال الطّبيعة... فلا شكّ أن الطّبيعة الخلابة الَّتي خلقها الله هي جزء من الجنة... وحبذا لو كانت خلفية المسرح تتغيّر بصور حيّة للخضرة والماء ومؤثرات جمالية كمياه الشلالات.

**(((تفتح الستارة في الوقت الَّذي يزود المسرح بالإضاءة تدريجيًا حتَّى يصل الضوء إلى درجة النّقاء والجمال وليس الابهار...

نسمع مجموعة من المنشدين والمنشدات (عدد كبير) يسبحون بحمد الله في غناء جميل حلو ومن الأفضل ان يكون الغناء الجماعي أوبرالي... يخيم الهدوء لتخرج الاصوات جميلة... رنّانة سهلة... تسري في النّفوس... حتَّى يشعر الفنانون والمتفرجون والمشاهدون بعظمة المكان.

مشهد 1 تمهيدي

المسرح يظهر فيه تدريجيًا من بين أصوات الغناء الَّتي تسبح بحمد الله جلت قدرته... آدم في خلقه الأول... يدخل تدريجيًا إلى دائرة الضوء... وهو يسبّح بحمد الله ويشكره على نعمه في تبتل وتعبد.

مشهد 2 تمهيدي:

ويمكن دمجه مع المشهد الأول عن طريق نقل الحركة المسّرحيّة باستخدام الأضواء عن طريق مسرح دائريّ

يدخل إبليس... في شكل يطلق يد المخرج في وصفه... ولكن ليس بالضّرورة أن يكون إبليس سيئ الشكل... بل العكس أن يكون حسن الشكل ليستطيع تنفيذ الإغراء)))

المشهد الأوّل

إبليس: أنا... أنا خلقني الله من نار... تضيء السّماء كلّها وتشعلها لهيبًا أو تتهاوى حتَّى تصبح هادئة فتسعد السّماء بنورها الجميل.

أنا.. الَّذي أسبح بحمده وعظمته... يفضّل على إنسان من طين.. على كل حال.. لم أقبل ولم أركع...!!

صوت الضمير: وهل لك أن تقبل او ان ترفض؟؟؟!

إبليس: طبعا.

صوت الضمير: طبعا ماذا؟

إبليس: طبعا لا أملك!!

صوت الضمير: لقد تلقيت الأمر... ورفضت السّجود.

إبليس: كيف أسجد لطين وأنا من نار؟!

صوت الضمير: المسألة ليس نار أو طين... المسالة أن الَّذي يعطي هو الَّذي يأخذ... وأن الَّذي يأمر هو الَّذي يلغي.. فالخالق هو الَّذي يقرر....  أما المخلوق فعليه أن يطيع.

إبليس: نعم... لكنها مسألة مبدأ، مسالة كرامة!!

صوت الضمير: أيّ كرامة تلك!!

أنت مخلوق ضعيف، قادر من خلقك ان يحصدك، قادر من صنعك أن يجعلك رمادًا...

إبليس: لكنني أذنت منه... عظمته فوق الحدود...

أذنت لأثبت أن الإنسان... ضعيف... ضعيف... سوف أغريه حتَّى يقع في دوامة الغواية...

كلّما أراد الخروج منها زينتها له أكثر... حتَّى يغرق...

صوت الضمير: الإنسان ليس ضعيفًا... إنما ضعفه يكمن فيمن نسى أنه مخلوق كما نسيت أنت.

إبليس: الأيّام كفيلة... لسوف أقف بالمرصاد لكل إنسان في صلاته... في نومه... في عمله... في ذهابه... في عودته... في كل وقت... سأزيّن له السيئات... سأجعله يجري وراء شروري... ليرى الإنسان أيّهما أعظم... إبليس، ومن سيأتي من بعده أم هو وذريته.

صوت الضمير: إذن هو تحدٍ!!

إبليس: إلى يوم يبعثون.

صوت الضمير: ترى من الغالب؟!

إبليس: بالطبع... أنا.

صوت الضمير: نسيت... (المحصنون).

إبليس: من هم؟

صوت الضمير: الَّذين ملأ الأيّمان قلوبهم...

إبليس: معك حق... إلّا من قل أيّمانهم.

المشهد الثّاني

(ثمّ خلق حواء من ضلع آدم ليسكن إليها ودخل الشّيطان بطريقة أو أخرى إلى مكان آدم وحواء... وابتدأ المشوار...

تبحث حواء عن آدم وتدخل إلى المسرح وتتابعها الأضواء وهي تنادس...)

حواء: آدم.. آدم

آدم: (من مكان غير ظاهر لحواء في ركن من المسرح) ... أيّن أنت... أيّن أنت يا صغيرتي إنني أبحث عنك ولم أجدك بعد... أيّن تختفين... اظهري يا فاتنتي.

حواء: أنا هنا... أمرح بين الحدائق الغناء... ألا تراني... أنظر...

*أنظر إلى تلك الزهرة القرنفلية... ما بين الزهرة الحمراء والأقحوانة ما بين الشجرة ذات الأنغام الساحرة والشجرة طارحة الرمان!!

ابحث عني... ستجدني... ستجدني أتأمل في ملكوت الله...

آدم: آه منك يا صاحبتي... لقد لمحتك... الآن أراك بوضوح يا ذات الجمال... الآن اقتربت منك... الآن أكثر... الآن تعالي...!!

حواء: آدم.. حبيبي.

آدم: تعالي يا ذات الشعر الذهبي... تعالي يا نقية الأسرار.. يا خير عطية من الله... فنعم العطايا... كثرت عطاياه...

حواء: آه يا زوجي وراعي أملي... يا من كرمني الله بك زوجًا

آدم: يا لك من فتاة طيّبة صالحة... كل البراءة والجمال والمحبّة فيك...

(إبليس يراقب الموقف: يحدّث نفسه... يظهر للجمهور ولا يظهر لآدم وحواء).

*إبليس: يا لكما من غرين... صغيرين... لا تفهمان... لا تعرفان مكنون وعظمة خلقكما... أنا كفيل بك يا ناقصة... لأعلمك فنون الحبّ والغزل ولأجعلك مخلبي في هدم آدم وذريته.

والله لأفجر فيك... الفتنة والدلال... ولأجعل آدم يتلوى حولك كالشّيطان تمامًا أيّ مثلي، والله لأشعل الفتيل وأطلق رغباتك الكامنة الَّتي تجهلينها... وكم هي عظيمة وخطيرة...!!

(((ينسحب إبليس تدريجيًا وفي نفس المشهد يتحادث آدم وحواء) ... ويجب على المخرج أن يجعل انسحاب إبليس من الصورة شكليًا بمعنى أنه سيظلّ موجودًا...

حتَّى ولو لم يظهر على المسرح)))

آدم: تعالا اليّ ... تقربي مني... فأنت مني وأنا منك... تعالي... تعالي سبحي معي بحمد الله واشكريه على ما أعطانا من نعم.

حواء: اه يا زوجي وعقلي وحياتي... أنا منك وأنت مني حقًا تقول... سوف أعطيك حياتي واظل... أخدمك السنين...

آدم: لا تشكريني... اشكري من أعطانا الحب من اعطانا الحنين... من اعطانا النعيم.

حواء: ليلي نهاري... أشكره وأدعوه... عله يتقبل مني.

آدم: إنه عظيم... فوق كل الحدود... ولا شك أنه سيتقبل منك ولكني أحذرك...

حواء: من أيّ شيء تحذرني

آدم: احذرك من الشجرة اليافعة

حواء: تلك الَّتي بوسط الجنة؟!

آدم: نعم بعينها

حواء: ومما تحذرني؟!

آدم: من ثمرها

حواء: وماذا عن ثمرها؟!!

آدم: إنه تحذير رباني... ألا نقربها أو نأكل من ثمرها.

حواء: ما دام الأمر كذلك... فإنني لن أخالف ربي ولا زوجي.

آدم: حسنًا.. تعالي الآن... لننام.

(أصوات خافتة... ينام آدم... ثمّ تنام حواء... ولكن يظل المسرح... في هذا الشكل... بينما تتصاعد الأصوات الأوبرالية من كل مكان في خشوع وحلاوة ونقاء... تسبح بحمد الله... ليل ... نهار)

المشهد الثالث

((تستيقظ... حواء مبكرة... تجري بعض التّمارين الرّياضية، تنشط جسدها،

تستريح مسترخية... تتـأمل فيما حولها... تتأمل في خلق الله وحسن صنيعه

إبليس... يحضر... تدريجيًا... يتجه ناحيتها دون أن تراه... يحادثها))

إبليس: إلى أيّن يا فاتنة الجنة؟

حواء: من... من... من أنت!!

(تتلفت حولها في خوف وفزع)

إبليس: لا تخافي... ستعرفينني فيما بعد.

حواء: من أنت وماذا تريد مني؟!

إبليس: قلت ستعرفين فيما بعد... ليس وقته الآن... ستعرفين حينما يطرح الرمان في مثل هذا الزّمان!!

حواء: أهناك.. آدم آخر؟!

إبليس: لا... ولكنّه سيأتي الكثيرون أو سيذهبون... عندما يأتي موسم الحصاد!!

حواء: إذن من أنت؟!!!

إبليس: سميني ما شئت... ولكني... حامل النعيم!!

حواء: أيّ نعيم... أبعد هذا النعيم... نعيم؟؟

إبليس: طبعًا!!

حواء: أنا.. أعيش في منتهى السعادة... زوجي بجانبي... وكل ما أطلبه أجده... فاكهة... شراب... غذاء... كافة الأشكال والألوان.

إبليس: (وهو يقهقه): ما زلتي بعد صغيرة...!!

أهذا كل النعيم... هذا نعيم البطن... نعيم المعدة... كل هذا جزء من النعيم

حواء: يا أنت... قف قبل أن تشوه أفكاري...

أولًا... من أنت؟؟!!

ثانيًا: أنت متخفي ولا أراك.

ثالثًا: أنا قانعة بما أنا فيه.

إبليس: لا تطلبي السؤال أيّتها القاصر... ستعرفين كل شيء في ميعاده

ثمّ إنني لا أستطيع الظهور وإلا... ضعت

وعن ثالثًا.. فأنت تضحكين على نفسك، أيّ قناعة تلك أنك لا تعرفين شيئًا عن أيّ شيء!!

حواء: أيّها الَّذي... لا تظهر نفسك.

أيّها. الَّذي... تختفي خلف الاكام.

أيّها الَّذي... تأتي بجديد لم أعهده.

أصمت... ابعد عن مكاني.

أغرب من خلف زماني إلى زمانك المختفي.

إبليس: أنا ذاهب.. ذاهب من زمانك إلى زماني، ومن مكانك إلى مكاني، ولكنك ستأتين... في يوم ما... ستأتين... يوم تفهمين... ستعرفين حينئذ... من أنا... من أكون.

يومها.. ستلهثين... خلفي كالمجنونة

************

*(ينتهي الصوت تدريجيًا ويكون له صدى صوتي وتقف حواء حائرة مشدودة مندهشة... من هذا الغريب... ويرون على المسرح صمت تدريجي... وتبدأ حواء في الدّعاء وترتفع في الدّعاء تدريجيًا... حمدًا لله وشكرًا له... وتدريجيًا ينطلق الضوء في اتّجاه آدم... يبحث عنها).

آدم: حواء... حواء... أيّن أنت؟؟!!

حواء: آدم... آدم... أنا هنا... هنا... الحقني... الحقني.

آدم: حالًا... سآتي

(يلتقيان في حضن عميق فيه لهفة وشوق وبراءة ليس إلا، ومن الممكن أن يكون المخرج هذه اللّقطة بتعبير بريء غير ممزوج بالجنس)

المشهد الرّابع

حواء.؟. تتجه هي وآدم.؟. إلى مكان إقامتهما بالجنة...

"تحادثه... تكلّمه... وتكون الإضاءة متلائمة مع مرورهما على أماكن جميلة بالجنة، ولا شك أن المؤثرات الخلفية من صوت وصورة مهمّة".

حواء: رأيّت شيئًا فظيعًا!!

آدم: ماذا رأيّت؟!!

حواء: لا... لم أره... شعرت به... كأنّه الصّوت الخفيّ الآتي من بين الأشجار... كأنّه وميض اللهّب الحارق... كأنّه العسل الَّذي لا ينتهي...!! كأنّه الدّم يسري في العروق ينساب حتَّى يدخل في الأعماق؟

آدم: ما هذا يا حواء... أيّ هراء ذلك؟!

حواء: أقول الحقيقة... شيء فظيع وغريب في وقت واحد ترى الحلاوة وترى التعاسة!!

آدم: ماذا... ماذا يا حواء؟!

حواء: سمعت... من بعيد... لا ليس بعيد... بل قريب... قريب كأني أراه أمامي لكن ليس أمامي، لكنّه مثل الخدر يسري في الدّماء... أدار رأسي.. أخافني... أشجاني... أبكاني... نقلني إلى العالي.. ثمّ (أسقطني إلى القيعان) ... ثمّ فتح عيوني... ثمّ رماني... تركني... على موعد ولقاء... تركني... حائرة... لا أعرف لا أعرف يا آدم!!!!!!!!

آدم: اهدئي حواء... لكنّي أحذرك... هذا نذير شؤم!

وأنصحك بالابتعاد عنه... عليك أن تتذكري الله دائمًا... فهو القادر على حمايتك.

حواء: من هو؟!! من هو يا حبيبي؟!!

من هو؟ يا أبي وكل شيء...

آدم: هو الَّذي عصى الله... وخالف أحكامه.

حواء: هل هناك من يعصي الله؟!!

آدم: له في ذلك حكمة... جل شأنه.

حواء: له في ذلك حكمة... عظم شأنه.

لكن من هذا الَّذي حذرتني منه، أخبرني بالله عليك!!

آدم: إنّه إبليس!!!!! شيطان هو ومن يتبعه.

حواء: من هو الشّيطان؟!!!!

آدم: هو الَّذي خرج على طاعة الله... وعزم على أن يفسد خلقه... يقصدني.. ويقصدك ومن سيأتي بعدنا.

حواء: يا للهول... إذن هو عدوى... وعدوك!!!

يا للهول... كيف بالله... استمعت إليه؟! وكيف انتشيت به؟!

آدم: عدوك وعدوي... لكنّه ناعم... يسري كما قلت في الدّم كالمخدّر... فاحذريه... استعيني بالله عليه.

((آدم وحواء يتجهان متضامنين إلى عرينهما... دليلا على تحدي الشّيطان والأضواء تبدأ في الغروب تدريجيًا وما يزال الجميع يسبّحون بحمد الله... إلى ما لا نهاية))

المشهد الخامس

((حواء أخذت ركنًا تحت شجرة وأخذت تفكر... وتفكر... وتفكر... ودار عقلها يسارًا ويمينًا... وهي تحادث نفسها دون أن يسمع... آدم...

حواء: يا ترى ما سبب المحاذير...؟!

على كل حال... إذا جاء الملعون... استعيذ بالله...

لكن لماذا انفرد بي...؟!

وماذا عن النعيم الَّذي لم أره؟! هل كل هذا الَّذي أعيش فيه ليس بنعيم؟!! أهناك نعيم أكثر من هذا؟!!

((يدخل الشّيطان مختفيًا كعادته لمن يدخل إليه وإن كان يظهر للمشاهدين...  وحواء على وضعها تحادث نفسها ويحادثها الشّيطان))

إبليس: أنعمت مساءً... يا صحبة الجمال!!

حواء: من أنت يا من لا تفرق الظهر من المساء.

إبليس: ما بعد الظهر يبدأ المساء... ثمّ أنا نفسي من المساء فمجرّد حضوري... قدومًا للمساء...!!

حواء: ماذا... تريد مني...؟!

عرفتك يا شيطان!!!!!!!

إبليس... (في ضحكات ماكرة): أنا؟؟!!!

أنا لا أريد منك شيئًا... أنت الَّتي تريدين!!

حواء: أنا؟!!

إبليس: نعم أنت... أنا مسكين... أنا شيطان... ألا تعرفين؟؟!!

حواء: أعرف... ولكن!!!!

إبليس: أنتم طبقة أعلى مني... أنت... آدم... ذريتكم...

"بخبث" بني آدم... بني الإنسان!!!

أنا لا أريد لي وإنما أريد لك!! لك أنت... أريد السّعادة الَّتي تفتقدين... والنعيم الَّذي حدّثتك عنه؟ أتنسين؟!!

أريد أن أظهر مواهبك الكامنة...! وأطلق رغباتك... وأحلامك من قيد العجز فيك!!

اتبعيني تسرين وتفرحين!!!!!!

حواء: يا من عصيت الله استعين عليك بالله.

يا من حذرني آدم منك... أقولها ثانية اذهب عني... دعني وشأني لا تلوثني... بسحرك العفن!!

إبليس: مهلًا يا صاحبة الدّلال... لمَ الخوف منّي... لمَ الحذر منّي...؟!!!

حواء: حذرني آدم.. العمر كلّه منك.

إبليس: لقد حذرك... إذن!! إذن فلنلعب على المكشوف!!

حواء: أيّ غطاء وأيّ مكشوف...؟!

إبليس: سأقول لك... لن أدعك هكذا... لا تفقهين... ولا تعلمين.

حواء: لا أريد قولك ولا فعلك... أتركني!!

إبليس: مهلًا.. مهلًا يا فتاتي!! قليلًا... قليلًا... بعض الوقت وتمشين... بعض وقتك... وتعرفين...

ستعرفين ما لم تعرفيه... وسيكون شأنك عظيم...!

حواء: قل وخلّصني... فكلامك شيطان... يدخل من أذن ويخرج من أخرى!!

إبليس: قولي ما تريدين... قولي شيطان... قولي إبليس...

قولي ما تشائين... لكن هذا لا يمنع... لا يمنع أنك لا تعرفين طريقك!!

حواء: أيّ طريق يا شيطان؟!

إبليس: طريق الحياة... طريق البريق... طريق السّعادة الأبدية... طريق اللامتناهي... حيث السرور والهناء الأبدي!!!!!!

حواء: إذن هذا طريقك!!

إبليس: بل هو طريقك لو تدرين... هو طريق الرّغبة الَّتي تفتقديها!!

حواء: أيّ رغبة تلك؟!!!

إبليس: رغبة الحبّ!!!

حواء: رغبة الحبّ؟!! شيء عجيب... غريب... أنا أحبّ آدم وهو يحبّني

إبليس: لكنّه حبّ بلا رغبة.

حواء: وماذا يمنع؟؟!!

إبليس: يمنع؟! ألف مانع... يمنع أنّه لا يشبع من جوع ولا يروي من عطش... يمنع أنّه حبّ فارغ من مضمونه.. يمنع أنّه حبّ.. تائه!!

حواء: أيّ جوع... أيّ عطش... أيّ مضمون... أيّ توهان؟؟!!! إننا نأكل... ونشرب وننام سعداء بسطاء

إبليس: يا لك من حمقاء... إنه جوع وعطش... آخرين!!

حواء: أهناك جوع غير الجوع وعطش غير العطش؟؟!!

إبليس: نعم!!

اسالي آدم عنه... اسأليه عن الحبّ.

حواء: إنه لا يعرف غير ما أعرف.

إبليس: إنّه يعرف الكثير... فقد تعلم الأسماء كلّها، اساليه... حاوريه... اسأليه عن الحياة... اسأليه مثلًا عن القبلة!!!!

حواء: نحن لا تعرف غير قبلة الصلاة!!!

إبليس: هناك قبل أخرى.

حواء: طريقك إذن.

إبليس: طريقي... طريقك.

حواء: وماذا فيها قبلتك؟؟!!

إبليس: فيها السّعادة كلّها... تذوقيها... وستدعين لي بطول العمر.

حواء (بشغف): هات ما عندك عنها!!!!!!!!!

إبليس: القبلة، آه من القبلة... أنا.. لو سمحتي... ولكن لا ليس أنا... فلنقل آدم... آدم مثلًا، يضع شفتيه على شفتيك... ويأخذك بين ذراعيه...

حواء: وماذا في ذلك؟! إنّه يحضنني ويحميني... وليس هناك شيء...!!!

إبليس: لأنك لا تعرفين! لو تعرفين... ستعقلين!!

حواء: أيّ عقل وراءك؟!

إبليس: كل العقل... العقل في أن تعرفي وعندما تعرفين... ستشكرين... ستشكرين ملاكك!!

حواء: تقصد شيطاني...!!!!!!!!!!

إبليس: لا يهم عندي... جحودك... افتح لك الأبواب... وتلعنيني... أداويك وتسبيني... ولكني أتغاضى من أجل إسعادك!!!!

حواء: إسعادي، شيء عجيب... أن تسعد النّاس وأنت المنبوذ!!!

إبليس: جربي... جربي معي... وسترين.

حواء: لكن!!

إبليس: جربي ولن تخسري.

حواء: سأحاول.

إبليس: إذن إلى اللقاء... إلى اللقاء... يا أم الحياة... نحن على موعد

حواء: إلى جهنم... يا شيطان!!!

((يتبع الحلقة الثانية من الفصل الأول))

***********************************************************

**انتهت الحلقة الاولى من الفصل الاول من مسرحية آدم وحواء والشيطان

** د.ف(دكتوراة فخرية ) / ناجى عبدالسلام السنباطي

**كاتب صحفي مستقل

**رئيس تحرير مجلة صوت السرو المطبوعة والرقمية

(نشرة غير دورية)(1983/2024)

**صحفي بمجلة عالم الفن الكويتية(79-81).

**مراسل لمجلة السينما والناس المصرية بالكويت 1982

**عضو هيئة خريجي الصحافة ج. القاهرة 1885/2024

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تواطؤ الضوء مع ظلك...بقلم الشاعر جبران العشملي

اِنتظرتك...بقلم الشاعر صالح دويك

رفقا بنا يازمن....بقلم الشاعر البشير سلطاني

يامصر لك كل الأشعار والأدب...بقلم الشاعر حسين نصرالدين

كيف أنساك...؟!!!...بقلم الشاعر معمر حميد الشرعبي

مناجاة صب...بقلم الشاعرة روضة قوادر

مهلا...!....بقلم الشاعر محمد مطر

بيني وبينك...بقلم الشاعر حسن الشوان

المدينة الحالة.. بقلم الأديب والشاعر/محمد أحمد الرازحي رزوح

المحبة....بقلم الاديب إبراهيم العمر