لقاء باهت....بقلم الكاتب عبد الستار عمورة


 قصة قصيرة

لقاء باهت...

كنت منبسطا ذات صباح متمرّد.عصفت بي أفكاري المضطربة،وأنا قبالة البحر الثّائر،أراقب أمواجهه المتلاطمة.

جوّ كئيب كغير عادته،وأيلول يغازل وجه الشّمس المشرق.

اقتربت منّي بقامتها الهيفاء، وفستانها الزّهري،متمرّدة عليّ،طاردة بنات أفكاري:

-عمت صباحا كاتبنا السّامق..!

أنا من المعجبات بكتاباتك الملهمة،و شخصيتك الغامضة..!

بصوت مبحوح متلعثم أجبتها:

-صباحك أجمل سيّدتي النّبيلة.

خطت بتؤدة أمام كاهلي المتعب..عندها راح نسيم البحر،يلاعب شعرها الغجريّ، الفاحم بملاحة.

دارت حول نفسها،لتخبرني بما تخبّئ من إثارة ملفتة.

بصوت متهدّج أردفت قائلة:

-أريد أن أكون كاتبة مرموقة مثلك سيّدي..!!

طرحت قلمي ودفتري جانبا،أخرجت سجارتي الملعونة..أطعمت شفاهها النّافرة،بلهب عود ثقاب، بالكاد وجدته، في جيب معطفي الرثّ،والّذي أكل عليه الدّهر وشرب.

لقد ابتعته ذات مرّة من سوق"الشّيفون".كانت رائحته أنذاك لا تطاق،ورغم ذلك ظلّ رفيقي، مع بخاخ عطر"الكولونيا".

أخرجت تنهيدة طويلة،رمقتها بنظرة ثاقبة:

-فتاتي الطّروبة..!

الكتابة موهبة انت من يختار ما

تجود به قريحتك...!!

الكتابة إحساس و مشاعر قبل أن

تكون اختيار..!!

الكتابة ملكة ودمج الخيال

بالواقع. !!

الكتابة تعبير وإيحاء وفكرة..!!

الكتابة شيء ما في دواخلنا، نصقله

ونخرجه،ونعطيه للمتلقّى المتعطّش..!!

الكتابة متنفّس،وروح تسبح في

فضاء الإبداع..!!

الكتابة وتر نعزف عليه آلامنا..

أفراحنا..أحلامنا..نبكي به

ماضينا...

الكتابة طفل في دواخلنا،يعصف

بخواطرنا..!!

الكتابة شيء آخر،لا يدركها إلاّ من

قرأ،ويقرأ دون ملل.

الكتابة طفل خديج،تمرّد على دفء حضنه،ليهرع مكابدا أقداره.

الكتابة متنفّس الحيارى،وملاذ التّائهين والمحبّين..

الكتابة دواء الأسقام،والعلل المستعصية..!!

الكتابة محراب العاشقين،والقلوب الموجوعة..!!

الكتابة حلم جميل،به نحيا حياة؛تسبح فوق سحائب الوجود.

براحة يدها،مسحت حبيبات عرق،أخلّت بجبينها المشرق:

-عذرا سيّدي..! لم أتوقّع منك هذا أبدا..!

على مقربة منّا،علت أصوات صبايا؛بهتن في إخراج هيكل درّاجة،طمرتها رمال الشّاطئ المبتلّة.

عبد الستار عمورة الجزائر

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تواطؤ الضوء مع ظلك...بقلم الشاعر جبران العشملي

اِنتظرتك...بقلم الشاعر صالح دويك

رفقا بنا يازمن....بقلم الشاعر البشير سلطاني

يامصر لك كل الأشعار والأدب...بقلم الشاعر حسين نصرالدين

كيف أنساك...؟!!!...بقلم الشاعر معمر حميد الشرعبي

مناجاة صب...بقلم الشاعرة روضة قوادر

مهلا...!....بقلم الشاعر محمد مطر

بيني وبينك...بقلم الشاعر حسن الشوان

المدينة الحالة.. بقلم الأديب والشاعر/محمد أحمد الرازحي رزوح

المحبة....بقلم الاديب إبراهيم العمر