حرف على الجدار....بقلم الشاعر مصطفى محمد كبار
حرفٌ على الجدار
مرَ القطار سريعاً بسنين
العمر
و أنا مازلت أنتظر ما بعد الإنتظار
دون أن يحدث
دون أن أجد محطة لأستريح من
العناء في الرحيل
رغم السفر الطويل من التعب إلى
التعب
مرٌ بكأس الحياة تذوقناه بالسقم
مراراً حتى الرمق
و ذكرياتٍ تبقى تمحو صورة الحياة
فينا
تراويح المساء تصليها دموعاً حجراً
و تكفر بالذنوب
فالحجر يرحل مع الذاكرة
بلا عودة
و أنا أطالع صحف الأبراج أبحث
عن الأمل بين عناوين مفقودة من
أمامي
نجلس حائرين نعاتب الأقدار عند
كل جدار
هل سنلتقي يوماً أقول للأمس الذي
سرق ذاكرتي و مضى
للبعيد
و هل سنكتب وجع حكايتنا على
أطراف العمر
ام سنغني أناشيد المودعين كما
الراحلين بلا حنين
سأفتش بين أحجار القبور عن
صورتي القديمة
ربما يكون مازال أسمي محفوراً
بنقش الحجر
المتوفي المرحوم الغريب العاثر
الذليل
بنهضة الزمان بذات المكان
المنتظر بشدة
لا أحد يفتش عن الحقيقة
فأريد أن أبكي على قبري لوحدي
لأني تألمت وحدي على
موتي
سأطوي ظلي المقسوم هناك بجانب
الحجر
سأحمل جنازتي لوحدي في سفري
و سأبكي بخيبتي لوحدي
عدت من الغياب لأقول كلام
الموتى
ثم متُ مرةً أخرى وحدي من الطعن
الحرام يوما كنت وحدي
و كنت سأنامٌ وحدي هناك دون الحاجة
لقرأءة قصيدة تلاعب الروح الأبدية
بالسكينة
فلولا الفوارق بين الأزمنة زمني و زمن
الأموات القدامى
و لولا تغير المناخ الملائم بين صلاتين
و قيام الليل بقبلتين
لكان لون المكان حول قبري هناك
أوضح من مرآة المشرقين
كم مرةً يجب أن يكون بيننا جثة
القتيل الغريب هي جثتي
لكني نسيت تاريخ الوفاة المبكر
بالهلاك المبين
كما نسيت من الإيديولوجية المصتنعة
و من كان معي بيوم الوداع
فلم أعد أتذكر الأشياء التي تلاشت
من جسدي
سأحاول العثور على بقاياي من
جسد الصدمة
كي أعود ثانيةً في المساء و أكمل
طقوس الضجر مع الملائكة
بصدى الليل الكئيب
فإني تعمدت أن أكون وحيداً في النسيان
لأنسى إساءة المعاملة
و لن أرجع بخسارتي لساحة الإعدام
ثانيةً لأموت بدهشة قاتل مخمور
بدمي
أريد أن أكون موجوداً في ذاك
الحلم مع الخيال
لكني أفتقد لفكرة الحي لأنجو
من نكستي
و أحتاج إلى معجزةٍ خرافية لأفسر
للآلهة معنى الوجع الكبير
أحتاج إلى قيلولةٍ بساعة الظهيرة
لأجمع ما بعثرته من صورٍ في المساء
لو .......
تقدمت ْ هي قبل الرحيل بخطوة
واحدة تجاهي
لفرشت لها الطريق إلى قلبي ألف خطوةٍ
بالياسمين
و قلت لمرآتي دعكي من صورتها القديمة
احضني مكانتها المرموقة في السقوط
و أشيائها
فلو همست ْ لي بالحب بلغة العشق
بموعدها
لكتبت لها من الغزل القديم أبياتٍ تفوق
بالوصف على كتابات القدماء
لو كانت تطرز الحمامة في الصباح
بلون البنفسج و ترقص برشاقتها على
خيوط الشمس الأولى
لقلت للحلم تريث هنا من فضلك عد
إليَ سالماً
لقد إكتملت لوحة قلبين عاشقين على
غصون الياسمين
قد سكنتني بألوان القوس قزح و أنا
قد ملكتُ منكَ درب اليقين
لكنها كانت تغفل عن كل شيء كلما
دللتها أكثر
و كانت تجهل كل شيء عن
عمد
حتى تلك رقصة الأنوثة في فنجان
البن و طقوس الزواج
فهي وحدها كانت خارج المألوف
و لم تحفظ قصيدة لو لم نلتقي
كانت هنا
وحدها جلست ْ بعتمة الظلام تفتش
عن شكل السراب و عن الغراب
لتدرسَ لغة الوهم و قيم الثورة بجسدها
الرخيص للعابرين
وحدها تعمدت أن تتمرد على الصباح
البريء و تقتل عصفورها
الوحيد
فمن يقظني من الخلل العاطفي البعيد
و يعلو بي فوق السحاب
من يغني في هذا الصباح أغنية حزينة
بائسة و يبكي معي
على جسدي حصتك الكبرى من الوجع
و الحنين فخذها يا أيها البعيد
و راقصني كرقصة الذئاب في الجزء
الأخير من الحكاية للنهاية
و لا تنتظر الوقت لأموت أكثر على
غيابك الطويل
فالإسطورة بقافية الأحزان قد أخذت
مكانتها و دورها في الأوجاع
فأمضي لآخر النهايات الهزلية لآخر
الكلام
عذبني يا أيها العاري بموكب الجنازات
كما تريد الظلام
بحزني بألمي بدمعتي بلوعتي بشغف
تعثري في الحياة
فأنا وحدي فأتركني لوحدي عند النافذة
أندب حظي العاثر
أراقب الطريق الفارغ من العائدين
جيداً بلا وقت
دعني أتأمل البعيد و أتخيل إنه آتٍ
و لا يأتي
دعني أجسُ نبض الأبجدية بلغة الفراغ
و أجمع بداخلي أجزاء هزيمتي
فالوقت بوقت الإنتظار مرٌ و شحيب
لا يئن و يستكن مع تلك الروح
المتهالكة في النسيان
فلو خيروني ما بين الصمت و الكلام
لقلت أنا الصدى
و الصمت أرجوحة المتحجرين
بأطراف الزمان لا تنحسر مع
الوقت
لو قالوا لي ماذا كنت تنتظر
و إلى متى ستنتظر ذاك العدم
الناثر
سأقولُ أنا ساعة القيامة بجسد الغياب
لا أحيا و لا يقبل الموت أن
أموت
و سأنتظر تلك الروح التي إنكسرت
بصورتها على درب الإنتظار
لن تعود مرة أخرى و لن يكون هناك
للروح في جسدي لها دور لأحيا
فمضيتُ بخيبتي و تناسيت ملامح قبلتي
فوق صدرها
و تلاشت ذاكرتي بعيداً من الخسران
بذكراها بالحنين المعظم
ثم عدت لذات الوجع بمرارة الأيام
غريقاً بالآلام و منكسراً بالهلاك
المر
سأشحذ من القصيدة ما يؤجل ساعتي
في الرحيل لبعص الوقت
حتى أكتب عن وجعي بنار الفراق ملحمتي
الطويلةِ الفريدة
و سأنسى بأرض القصيدة كل الأشياء
و كل شيء يضجرني
إلا صورة التي تلك حضنتها بذات
يوم
و قلت لها حبيبتي كم أحبك و كم
أشتاق إليك 💔
ابن حنيفة
مصطفى محمد كبار
حلب سوريا
ابن عفرين بعدينو ٢٠٢٤/٩/١١
تعليقات
إرسال تعليق