عبق الذكريات(قصة قصيرة)...بقلم الأديب عبد الستار عمورة
قصة قصيرة
عبق الذّكريات
امتطيت صهوة أيّامي الجموحة..كنت لحظتها غير مبال بما حدث لي و ما سيحدث؛معتقدا الوصول إلى طموحاتي المتكرّرة والّتي نسجتها أحلامي المتعربدة على أطراف الأزقّة المتعفّنة بالقمامة وبقايا زجاجات النّبيذ..أدركني الوقت وراح يسحلني لماض قريب مع ذكرياتي الّتي مافتئت تحفر وجداني مع أترابي وضحكاتهم البريئة..مع ألبوم صور العائلة..مع أفرشة الحلفاء ليلا وعدّنا النّجوم..مع التّينة وهي مسندة أغصانها على سور الحديقة المتهالك..مع شجرة العنب الّتي ما انفكّت هي الأخرى تحضن جدران البيت العتيق؛تلثمه ولا تفارقه مهما جرى من تغيرات،وشجرة التّوت الضّخمة حيث بدا جذرها مثل منحوتة حجريّة كأنّها مشاهد ورسومات سرياليّة..صوت خرير السّاقية أطرب مسامعي وامتزج مع صوت المطحنة وصوت أمّي مع كلمات بلخيري:"نابيني يا مطحنة ڨلت نسقسيك..يا من داري وين راها مولاتك،قداوك فالدّار ولا سمحت فيك..من بعد العشرة مشات وخلاتك،واش طحنت عدها مرمز وفريك..من قبل لّا يڨلعوا عود شظاظك".
أسندت ظهري إلى الباب التّليد..انهمرت مدامعي كما حليب الضّرع..طفقت رجلاي متضرّعة إلى ماء النّهر..تبسّمت الشّمس وكبد السّماء رغم شحوبها مع أوراق الصّفصاف والكرز المتاخمة للوادي هنالك على مرمى حجر من الطّلل..عصرت ماتبقّى من دموع الحنين إلى الدّيار والأحبّة..نسمة باردة اندفعت من صدر الجبل؛قبّرة تولول هناك فوق تلّة غير آبهة.
الأديب: عبد الستار عمورة الجزائر
تعليقات
إرسال تعليق