غربة الذات....بقلم الشاعر محمد كابي
غربة الذات
هاهنا أسكن غربتي
أراهم في قعر النوم أمواتا
لا أحد يتحرك..لا أحد يتكلم ، يغضب
يعشق ، لا أحد يحس
بل لا أحد يطلب تذكرة انتماء
لفصيلة دم هذه المدينة
أو المدينة القرية
نقطع طريق العرق بين الزفير والغرق،
لا الخيل تصهل ولا مراجل القلب
لما نراه تنفطر....
وأنا غريب الذات روحي لم تغترب
أرحل ستين عاما ونيف..خارج جاذبية الحنين..
أرحل من إلى متاهات النسيان
عبر السطر والحرف الشقي...
أفتش جسد ديكات عن التفكير والوجود
ألتمس من نيتشه لسان زرادشت..
أقضم تفاحة نيوتن ..
وأبحر سنين إلى معرة المعري
أحمل جرحي للمحبسين
لأرى وجوهنا في لزوميات ما يلزم
أعبر محيط المعادلات والاحتمالات
وأقرأ حزن الفضاء وفضاء الركح
على جسد بول إيلوار وأمسح
الدم الذي تركته ورود الشر
عند بودلير... فأصاب
بالهلع لما أشرب فنجان الكائن
والممكن من فم أنشطاين
والمهدي المنجرة وفوكوياما...
وكأسا أخرى من غضب أرطو
وطفولة بياجي وحرقة غارودي
ثم أتوسد في عراء البطن
وعويل الأمعاء
دراع حنظلة وأحلام ناجي العلي ودماء جمال الدرة /
فيلبسني بهاء جلال الدين السيوطي
وسوانح ابن عربي لأتمعن في
مقلة التاريخ المزيف
وابن الفارض أسلم الروح لباريها
بعدما تذكر غربة المتنبي
وبغي المماليك الذين
كتبوا التاريخ من جديد
على مقاس القصور
وأهواء السلاطين..
لا أحد يا أناي يتكلم.
الطاعة سيمة العصور
وللجياع عظام الصحون
ليقتل ناظم حكمت
على صليب كبريائه
ويصلب مع مطلع كل قرن
الحلاج قربانا لقيصر الروم....
أرحل ..أرحل أركض حبا هلعا
في كل المسافات الطويلة والقصيرة
أتصبب عرقا غرقا شوقا عشقا
ولا أستحم من نجاسة العصر
إلا في دم حسين مروة ومهدي عامل
ودموع إميل حبيبي وغسان كنفاني
وأتعطر بعبق ريحان المهدي
أرحل يا أناي ولآ أجد وطنا
يوطنني يغطيني من صقيع الزيف
والخديعة
حتى لا أنام في غربة ادريس الشرايبي
والقسام وكات استيفنس
وصرخة جورج كًالاوي.../
أسافر...أسافر في رعشة
أرمسترونغ ودهشة بيل غيت
فلا اليمن يمن
ولا حلب عسل وسمن
لا بغداد دجلة وفرات
ولا إسطنبول تراث
لا نفط الشرق استخارة وصلوات
ولا آذان الربيع العربي ميقات
أسافر ..أسافر يا أناي
والجسد العربي قد
أثخنته الجراح
وتعفن ثدي المساء والصباح
أسافر ..أسافر حزينا
وأعود سيرتي الأولى
أجدكم تلتحفون ستين لحافا
وستين علة وزحافا
يامن تصادرون ابن رشد
وابن خلدون وتبيعون
العقل في سوق النخاسة
وتغتالون أحلام الأطفال
على مذبح الطاعة والتطبيع
وأنتم تغنون زهوا وفخرا
على أسرة البؤس والقهر والضياع
" رقصني ياجدع عا الوحدة ونص"
الجديدة
محمد كــــــابي
تعليقات
إرسال تعليق