خاطرة الصباح الثلاثون.. بقلم الأديب/د. حسين نصرالدين

 خاطرة ُالصباح:الثَلَاثُون من يوليو2022 المنشوررقم(60):النصوصُ من مصادرها الطبيعية القرآن والسنة: (حديثُ أم زرع ٍعن أبي زرع ٍ)(1).بقلمِ:حسين نصرالدين:

من المعلوم أن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لمْ يْرْزَقْ أولادا ً من أمنا عائشة رضيَ الله عنها وأرضاهَا، ولم ْ تَرِدْ السُنة ُ بتذمرهِا من هذا الأمرأو حتى طلب الدعاء لها من رسول الله صلى الله عليه وسلم،وهذا يدل على درجة عبوديتها وخضوعها لله تعالى ورضاها بقدره،فكانت مشاعرها مُتوجهة بالكلية لحبيبها وزوجها تستغني به عمن سواه فقد كان كل حياتها،ولعل هذا ما يفسرُالغيْرة َالشديدة التي كانت تُحسُها وتُعبرعنها تجاه الأخرياتِ من زوجاته رضوان الله عليهن جميعاً .

فلم يكن صلى الله عليه وسلم يهملُ الحديثَ أوالسمر مع نسائه ، فمثلما كان يخرجُ مع بعضِ زوجاتِه ليلاً خارجَ الداركما ذكرنا في المنشور السابق، فكانَ أيْضاً يتسامران معاً ويسمع لحكايتهن في دورهِنَ، ويعمل على احتواء حكاياهن، دون تضجرٍ أو تذمرٍ أو تُلهيه إدارته للأمة أو تبليغ الدعوة عن أن يسمعَ حكاياتهن .

ولعل الحديث الشهيربـ(حديث أم زرع)خيرُ دليلٍ على جماليةِ العلاقةِ بين أمنا عائشة وسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، والحديث يُظهر مدى قدرته على احتواء السيدة عائشة،كما يظهر مهارتها رضي الله عنها في الحكي وتشكيل السرد بما يشد انتباه زوجها لفترةٍ طويلةٍ دُون تأففٍ،حيث تستفيض أمناعائشة في سرد قصة إحدى عشرة امرأة مع أزواجهن، والنبي صلى الله عليه وسلم يستمعُ بانتباهٍ وتركيزٍ، ولمْيعتبر أنَّ هذا من قبيلِ النميمة لأنه لم ْ يذكرْ الحديثِ عن معظم شخصياته التي وردتْ فيه وحكتها عائشة،وأنَّ هذا كنادرة أو حكاية كان يستطيبُ العرب في قصصهم وحاياتكم وتناقلها للفائدة ِ والتعلمِ والاعتبارِ، حتى يقول لها في النهاية(يا عائشة كنت لكِ كأبي زرع لأم زرع)،ويزيد مطمئنا إياها(إلا أن أبا زرع طلقَ وأنا لا أطلقُ)، فتلتقطُ الزوجةُ إشارةَ زوجها التي وعَاهَا وقصَدَهَا ، وترد عليها بأحسنَ منها:(بأبي وأمي لأنت خير لي من أبي زرعٍ لأم زرع)لَمْ يتهمها صلى الله عليه وسلم (وحاشاه أن يفعل) بالثرثرة والكلام الفارغ،ولا بتضييع وقته الثمين وهوالكثيرالمشاغل،ولا بهوانِ ما تقول وخِقَّتِه ولا يُقللُ منه أمام عظمة ما يُفكر فيه ، كما يفعلُ بعض ُالرجال اليوم، بل استطاع بشفافيةِ نفسه أن يفهمَ أنها تريد الاستئثار بزوجِها لمدةٍ أطول لأن هذا الفعل يسعدها ، بلْ ويلتقط ُإشاراتها ويرد عليها وتفعل هي كذلك، فيتحول الفعل من مجرد شخصٍ يتكلم ُوالآخر يُنصت له إلى استعمال الحكاية فيما يعتملُ في إذكاء العلاقة العاطفية والتأكيد على المحبة والود بيْنهما . وللحديثِ بقية إنْ كانَ في العمرِ بقية .


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تواطؤ الضوء مع ظلك...بقلم الشاعر جبران العشملي

اِنتظرتك...بقلم الشاعر صالح دويك

رفقا بنا يازمن....بقلم الشاعر البشير سلطاني

يامصر لك كل الأشعار والأدب...بقلم الشاعر حسين نصرالدين

كيف أنساك...؟!!!...بقلم الشاعر معمر حميد الشرعبي

مناجاة صب...بقلم الشاعرة روضة قوادر

مهلا...!....بقلم الشاعر محمد مطر

بيني وبينك...بقلم الشاعر حسن الشوان

المدينة الحالة.. بقلم الأديب والشاعر/محمد أحمد الرازحي رزوح

المحبة....بقلم الاديب إبراهيم العمر