لغة النقوش الخالدة.. بقلم الكاتب/محمد بن سنوسي
لغة النقوش الخالدة...
الجمال لغة لطالما تلاعبت بعقول الجحافل ونظمت قصائدها على ايقاع كلمات دغدغت المشاعر في ثوب محور حشد في لوائه عديد الصور مختلفة الألوان و الأذواق و الرموز فتحت باب تفسيرها لكل البشر فجادت القرائح و نطقت الدهاليز و استرسل اللسان لوصف المشهد كل على شاكلته و من زاويته المقدسة. فيراه أحدهم في تقاسيم وجه إمرأة و أدق تفاصيل الجسد و تناسق الأعضاء فيتناسى مشاهد عميقة أكثر روعة تعبر أمامه بفعل رؤيته المحصورة و يراها آخر في جو راق ذابت فيه الأحاسيس بين أطياف الطبيعة حالما أن يعتزل البشر متنعما بالسكون باحثا عن نقطة اللارجوع و إرضاء لعقيدة الوحدة و الإنعزال .
و يراه آخر في صفاء الروح و نقاء القيم و صلابة القرار و الصوت المسموع الطامح للتغيير و المضي قدما للبناء .
هي مشاهد من تعريفات متعددة للقيمة الخالدة و لكن هل تؤدي بالمرء للخلود ؟ هل تمكنه من نقش إسمه في السجل ؟
فجمال الوجه بإشعاعه يتبعه غزو للتجاعيد و صلابة الجسد و تناسق الأعضاء و الحركات يتلوه هرم و ضعف و إرتخاء تطبيقا للحكمة الإلاهية فتلمح نصب عينيك الحقيقة جاثمة بحصانتها أن الجمال الحقيقي المورث للخلود لا يحتاج عينا زرقاء ولا شعرا مسترسلا أو عضلات مفتولة فلا تذكر عن السيدة فلانة سوى جمالها و لا عن فلان إلا فخامته و لكن الحقيقة أن الجمال هو ذاك الرحيق العطر المنبعث من غياهب جب الذات معطرا المناخ و ساقيا القريب و البعيد بعبق الأخلاق و عسل العلوم و عطور الطيبة هو ذاك الذي يرسم للغريب مسار العبور و جسر النجاح دون مقابل هو النسيم اللطيف الحامل لوصايا خير البشر عليه الصلاة والسلام الدالة للجنان و الصادحة بآيات الله وهي تخلد مواقف الرجال و رجولة النساء و تنقش أسماء هؤلاء إلى اليوم المعلوم.
فجمال القيم و الأخلاق و صفاء السريرة يفتح باب الجمال لكل حامل للصلاح و طالب للخلود للتتويج بالشهادة الإلاهية و سلك الدرب المفضي لرضا لملك السماوات و بالتالي كتابة إسمك و سيرتك و دقائق تفاصيل رحلتك .فالأمر كله بين إبتسامة إستقبال و تنفيس كربة و فك أزمة مهما كانت ألوان الأعين أو نوعية الشعر أو شكل القد ذاك أن المولى لا ينظر للأشكال و لا للصور بل هو مطلع على القلوب و ما إحتوته و النفوس و ما أمرت به .فيا طالبا للجمال و يا ساعيا لتحصيله إحرص على منابع جواهر الخلود و أسلك الدروب المحفوفة بورود القدير و تسلح بنقاء السريرة و عطور الصفاء و آيات صاحب الملك و الملكوت.
محمد بن سنوسي
تعليقات
إرسال تعليق