الكلمة.. بقلم الكاتب/محمد بن سنوسي

 الكلمة.....

مع عصر الانفجار المعلوماتي تعددت مصادر الأخبار و تنوعت القنوات وتكاثرت الصفحات فمنها من ينقل الوقائع صوتا و الآخر حرفا و يفضل الباقون نقلها بثا حيا . و في ظل كل هاته المعطيات إكتست العلاقات البشرية غطاء الحداثة فإنخرط الغالبية في قافلة البحث عن المعلومة دون معرفة مسبقة بالآلية و لا بأخلاق المهنة و لا حتى حدود العمل فنجم عن ذلك إختلاط الصالح بالطالح و سطع على الواقع أسلوب الغاية هي الجائزة أما الوسيلة فالضرب تحت الحزام مسموح و إنتهاك الخصوصيات سبق و نشر المتداول قبل التحقق مجاراة فقط لأعاصير التكنولوجيا و لغة الإعلام اليوم.

إن الكتابة لا تحتاج في الواقع سوى لورقة و قلم و لكنها بالمقابل تتطلب إستنطاقا عميقا لدرر الأخلاق و نفائس مكاسب التربية التي رُبانها الضمير وعمودها مصل الصدق الجاري بالشرايين و الناحت لمقال الحقيقة التي تُكسب ناقلها المصداقية و تخط بيمينه مسار البناء على إيقاع توجيهات المخلصين من السابقين و تجسد رسائل الشريعة و صدق اليراع مع الأهداف في رحلة البحث عن الصورة كما هي في الواقع.

فالكلمة فقط حروف متراصة إذا ما توشحت الصدق برقت و إذا تنصلت من المنبع الصافي جفت و تحولت لمعول هدم أما إذا ما تنكبت حقيبة الحضارة دون أخلاق أفلت و هدمت الأسس والبنيان و هوت بالعلاقات الإنسانية لحضيض التباغض و التلاسن بلغة سكان الغابة و هتك الأعراض و كشف المستور. فإذا كانت الكلمة بلحنها أو رسمها زر إيقاظ الوحش النائم ليهدم الأخضر والقائم و يدشن مهرجان التقاذف بالنابي من مخرجات اللسان على صدر الصفحات و المواقع من خلال السعي للممارسة الإعلامية بمفهومها البشع وحتى القذر ذاك الذي يحفر بالأذهان مشاهد لا تلتئم جراحها و يمتع الكاتب والخاط و الراوي بأحقر سمعة و أنذل صفة عندما يمتهن الكذب و التدليس و توجيه المتلقي للقاع بصرفه عن جواهر العلوم و الأخلاق و تلميعه للوضاعة و الرداءة و التفاهة لدرجة التشهير لها في ثوب قصة النجاح . أما إذا تعطرت الكلمة و ناحتها برحيق الحق و عبق الأندلس و فصاحة نسيم الشريعة فإنها تؤسس لبنيان المستقبل بحشد الجميع بين معاقله و تكوينهم بين أسواره لصناعة الصالح العابد العاشق لألوان بدائع خلق الرحمان المتشبع بنفائس الأخلاق و كريم الأوصاف و نقاء السريرة……. فالكلمة لبنة بناء أو معول هدم… فلكم الخيار.

محمد بن سنوسي


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تواطؤ الضوء مع ظلك...بقلم الشاعر جبران العشملي

اِنتظرتك...بقلم الشاعر صالح دويك

رفقا بنا يازمن....بقلم الشاعر البشير سلطاني

يامصر لك كل الأشعار والأدب...بقلم الشاعر حسين نصرالدين

كيف أنساك...؟!!!...بقلم الشاعر معمر حميد الشرعبي

مناجاة صب...بقلم الشاعرة روضة قوادر

مهلا...!....بقلم الشاعر محمد مطر

بيني وبينك...بقلم الشاعر حسن الشوان

المدينة الحالة.. بقلم الأديب والشاعر/محمد أحمد الرازحي رزوح

المحبة....بقلم الاديب إبراهيم العمر