خربشات على الجهاز...بقلم الأديب الشاعر خالد عبد اللطيف

 بسرعة تم كل شيء،خربشات فوق الجهاز،وضغط على الازرار،ولمس خفيف على أنبوب خادع،لملمت أصابعها،وهي تتحرك على عجل،جمعت شتات المعدات،كانت ومن معها يقفزون من اماكنهم كأن على رؤوسهم الطير ،يكتفون بنظرات مملوءة بالرعب،يرتعدون من قشعريرة مست مسام عروقهم،كانوا يكتفون بالاحتكاك بتلك الشاشات الحاملة للجرعات،وفي حقيقة الأمر ليست هناك جرعات ولا مضادات لتقاسيم الوجه الشاحب،لم يكن الامر يتعلق بجهل ملامح شخص موشك على الموت،كانوا يعلمون أن مايجري داخل هذه الغرفة المعتمة لايحمل أي بصمة للحياة،بنظرات مقيتة وماكرة تبادلوا النظر للمرة الألف،وفي ظل تلك النظرات الخطيرة،كانت الحيزبون على وشك ان تقول شيئا لمن حولها،استحضرت في خوف وهلع وسوسات قلبها المشرع دائما على تهيئة الاسباب التي لاتؤدي الا لغير إقبار كل شيء،البراءة والشجاعة وصفاء القلب،عبر زوايا الغرفة الباردة،تسللت اياد شريرة لنزع كل المعدات،كلهم والحيزبونة ينتظرون من يأخذ المبادرة لإنهاء معالم هذه الجريمة،ومحو كل أثارها من بصمات ودلائل،ثمة عيون تملأ الغرفة المقيتة،تتآكل من الداخل كفقرات الظهر،ولم تستطع أن تصدر منها انة،ولكن حشرجة كشحرجة الموت تنوء بثقلها على حفاري القبور،لكن المعضلة ان القبر موجود وجاهز ،لكن الميت غير موجود،ولايصلح للدفن لأنه لم يكمل مراحل الاحتضار...

الكل ينتظر...الملائكة في الخارج،والشياطين بالداخل تهرق مواد على أرضية الغرفة،لتسلل رائحة الى خارج الغرفة توهم العطشى بأن كل شيء على مايرام..

اختلطت روائح الغرفة بروائح اخرى اكثر خطورة ،روائح تزكم الانوف والقلوب والعقول...

في السر وليس في العلن،لم يكتب الميت وصيته ،لا لأن الموت داهمه،ولكنهم لم يتركوه يكتبها...

اه لو دققت الحيزبون نظرها في تلك الجثة،لو تمعن كواسرها في ذلك الوجه الملائكي الذي داسته دبابات وبلدزرات لاقبل له بها،ولاقدرة له على دفعها،لرأوا تفاصيل متعددة غابت عنهم...

طال انتظار من بالداخل والخارج..وبعد لحظات...خرجت رصاصة ملعلعة من فم الحيزبون "خذوه لقد اصبح جاهزا،إنه بخير وليس بميت"

في تلك اللحظات ابيضت شفاه مظلومة سوف تستحضر بياضها يوم العرض،واختفت ابتسامة بعد عملية قيصرية تخللها نزيف...اما الصدر الحنون فقد أرسل أدعية عبر السبحة خارجة من القلب،أدعية ودعوات كانت كافية لأن تطلق رصاصات اكبر واقوى...

شفاه كثيرة ،تطايرت دعواتها كالبراق إلى سدرة المنتهى...

اختفت الحيزبون ومن معها...ولكن الاف العيون والقلوب ماتزال تنتظر .......وفي جوف الليل سمعت الحيزبون اصواتا تقول لها:"

قيل لها:اياك ان تظني ان الصمت نسيان،فالارض الصامتة مليئة بالبراكين..

خ - ع


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تواطؤ الضوء مع ظلك...بقلم الشاعر جبران العشملي

اِنتظرتك...بقلم الشاعر صالح دويك

رفقا بنا يازمن....بقلم الشاعر البشير سلطاني

يامصر لك كل الأشعار والأدب...بقلم الشاعر حسين نصرالدين

كيف أنساك...؟!!!...بقلم الشاعر معمر حميد الشرعبي

مناجاة صب...بقلم الشاعرة روضة قوادر

مهلا...!....بقلم الشاعر محمد مطر

بيني وبينك...بقلم الشاعر حسن الشوان

المدينة الحالة.. بقلم الأديب والشاعر/محمد أحمد الرازحي رزوح

المحبة....بقلم الاديب إبراهيم العمر