ماذا أكتب بعد الآن.. بقلم الشاعر/خليفة دربالة

 


ماذا اكتب بعد الآن ؟


ماذا اكتب بعد الآن ؟ ...

و انا المنفيّ خارج حدود الأوطان...

خارج الزمان و المكان ...

كيف سأكتب ؟ 

و انا المرميّ في مدن النسيان ...

مثقّل بأصفاد القهر ...

مكبّل بقيود الحرمان...

مُبْعَدٌ كنفاية سامّة ...

إلى واحدة من جزر الأحزان ...

لا أحد يعرف لها إحداثيات 

على الخرائط ... او عنوان ...

كيف سأكتب بعد الآن ؟ 

و انا محاط بأسوار عالية البنيان 

سجينة مثلي دفاتري و اقلامي...

كلماتي مراقبة ...

على مدار الساعة ...

حتى احلامي يحاصرها مائة سجّان ...

كيف سأكتب...

و انا معصوب العينين 

و يداي مكبّلتان...

منبوذ ككلب اجرب ... خلف القضبان ...

على شعري تنسج العناكب خيوطها...

تقرض من لحمي الجرذان ...

اتضاءل... اتهالك... اتلاشى...

تضيع ملامح وجهي .... يخفت صوتي 

افقد حتى القدرة ... 

على تمييز الألوان ...

ذات فجر ... من واحد من أشهر القهر 

في سنة من سنوات الجمر ...

دخل السجان...

يعتصر ما بقي في شرايين قلمي ...

من قطرات الحبر ...

و ألبسه لباس الإعدام الأحمر ...

ثم التفت نحوي ...

صرخ في وجهي .... انت مُدَانْ ...

و صدر بشأنك  هذا الأمر ...

حاذر ان تكتب حرفا يقلق مزاج 

مولانا السلطان ...

او ان تتكلم حول الكتب السماوية

و الأديان...

ممنوع ان تبدي رأيا ... مهما كان 

في التوراة أو الإنجيل او القرآن ....

ممنوع انت من الكتابة 

عن المرأة المطحونة ... 

و لا الطفولة المشردة على أرصفة الطرقات ...

و لا حقوق الإنسان ...

و عن العدل و الميزان ...

و لا الافراح و لا الأحزان ...

لا شأن لك إطلاقا ... لا بالإنس و لا بالجان...

نظرا في عينيّ ... و قال : 

لعلمك... هذا آخر تنبيه...

قبل أن تُستأصَلَ منك الذاكرة...

و تُحْقَنَ بمحلول النسيان...

اتم السجان تلاوة بيانه و غادر مهمهما...

لنرى: 

ماذا ستكتب بعد الآن !!!


الشاعر خليفة دربالة / تونس 

22 نوفمبر 2021

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تواطؤ الضوء مع ظلك...بقلم الشاعر جبران العشملي

اِنتظرتك...بقلم الشاعر صالح دويك

رفقا بنا يازمن....بقلم الشاعر البشير سلطاني

يامصر لك كل الأشعار والأدب...بقلم الشاعر حسين نصرالدين

كيف أنساك...؟!!!...بقلم الشاعر معمر حميد الشرعبي

مناجاة صب...بقلم الشاعرة روضة قوادر

مهلا...!....بقلم الشاعر محمد مطر

بيني وبينك...بقلم الشاعر حسن الشوان

المدينة الحالة.. بقلم الأديب والشاعر/محمد أحمد الرازحي رزوح

المحبة....بقلم الاديب إبراهيم العمر