بقايا إنسان4.. بقلم الأديب/حسن أحمد الفلاح
بقايا إنسان ( 4 )
ما زالَتِ الدّهشَةُ تتنقّلُ لديّ من حيرةِ إلى أخرى ، تتقاذفني فيها هواجسٌ كثيرةٌ ، لم تتركْ لي أيَّ خيارٍ ، انتظرْتُ مليّاً ، تطاحنُ مخيّلتي أفكارٌ عجيبةٌ غريبةٌ بدتْ وكأنّها تفتكُ بي ، كنْتُ أنظرُ في المكانِ في كلّ الاتّجاهاتِ راعني أمرٌ غريبٌ جداً عندِ القبورِ التي كانَتْ تجلسُ الفتاةُ حذائهم ، يا إلهي ما هذهِ الأطيافُ التي تغزلُ في المكانِ أثواباً تَقْشَعِرُ لرؤيتها الأبدانُ ؟ غمرتني روعةٌ حبسَتْ أنفاسي ، جعلَتني أتلاشى ببطءٍ ، بدتْ الأشكالُ تسمو إلى كبدِ السّماءِ تتشظّى ، تنبعثُ منها أنوارٌ تتموّجُ كأنّها أمواجْ بحرٍ هادرةٍ ، هائلةٍ ، وقفَ بالقربِ منّي طيفٌ تعملَقَ كثيراً ، بدا ينثرُ نورُهُ في المكانِ ، اتّسَعَتْ رقعةُ الضّوءِ ، تعاظَمَتْ كثيراً حتّى غرقَتْ في بيداءِ أفقٍ فسيحٍ ، تداعَتْ عندَهُ أشكالٌ مرعبَةٌ ، لم أفكر حينذاك إلّا بمشهدٍ تبلّدَ في ذاكرتي شكلُ أبي الذي أغلقَ عليّ معابرَ الخوفِ ، والرّهبةِ ، في هذهِ الأثناء بدأ يتصدّرُ المكانَ أصواتٌ مذهلةٌ جدّاً ، لم أستطعْ تفسيرَها لأنّها أثارَتْ لديّ حالةً من الاختناقِ الذي أوقدَ سعيرَ جسدي فبِتُّ كأنّني قطعٌ منَ الخزفِ الذي يصتكُ بعضَهُ ببعضٍ تاركاً لي بقايا حطامٍ يتفلّتُ ليرسلَ أصواتاً مريبةً أغلقتُ أذنيَّ تماماً كي لا أسمعَ هذهِ الأصواتَ التي جعلَتني أتكسّرُ لأصبحَ حطاماً يتشظّى في المكانِ ، فجأةً وأنا في هذهِ الحالةِ يستولي عليّ ذعرٌ شديدٌ أقبلَ إليّ ذلكَ الطّيفُ المتعملقُ ، يكادُ يتخطّفني لكنّهُ لا يستطيعُ ، كما أنّني لا أستطيعُ أنا الآخرُ الإمساكَ بهِ ، في هذهِ اللحظةِ اعتراني شعورٌ مفاجيء عندما رأيْتُ الطّيفَ لا… لا مستحيل ! ماهذا؟ ما الذي يحصلُ هنا حينها فقدتُ وعيي تماماً ، لم ألبث بحرفٍ ، لُجِمَتْ جوارحي ، يدايا ، قدمايا ، لساني ، حتّى أصبحْتُ في حالةِ اختناقٍ شديدٍ ، شعرْتُ أنّني أتلاشى ببطءٍ ، غرقْتُ في أتونٍ منَ الدّهشةِ ، والارتيابِ ، أصبحْتُ في حالةِ سباتٍ كاملٍ ، لكنّني مازلْتُ أشاهدُ أشكالاً ، وأشكلاً تباغتُني ، ولكنّني بدأتُ أتنفّسُ بصعوبةٍ عندما أغربَتْ عنْ عينيَّ رماديّةُ الطّيفِ ، رأيتُهُ بوضوحِ شرعَ يملي عليّ مواعظَهُ الزّاخرةِ المتّقدةِ بنوازعِها ، لكن هيهاتِ أنْ تؤثرَ بي أتعرفونَ لماذا ؟ لا .. لا سأخبرُكم في وقتٍ لا حقٍ ...
بقلم حسن أحمد الفلاح
تعليقات
إرسال تعليق