امتعاض.. قصة قصيرة. بقلم الأديب/عبدالستار عمورة
قصة قصيرة
امتعاض
قلق ساوره رغم ابتسامة شمعته الّتي غزاها حريق فتيلها ؛ لقد ضجر من المكوث في غرفته مع عنكبوت مافتئ يراقبه.
تلفّع برنوسه الأبيض والّذي تركت معه أمّه نور عينيها.
مشى وأزقّة القرية الضّيّقة..نسيم بارد من قمّة الجبل داعب خصلات شعره ؛ صوت صرار اللّيل مع نقيق الضّفادع شكلا سمفونيّة طربت لها روحه المكلومة ، باحثة عن ذكريات غابرة لطفولة بريئة.
على الرّبوة المتاخمة للوادي ؛ ضوء حباحب سلبه أوجاعه و الّتي ازورّت من وقع قنا الأيّام المتسربلة بالبؤس و الحرمان .
تراءت إلى مخيّلته صورة الزّهرة مع أترابها ، يحملن القلال ويتّجهن إلى النّبع والطّريق التّرابي ؛ همساتهنّ ..ضحكاتهنّ مافتئت تطرب أشجار اللّوز ، فتنحني لهنّ الأغصان المزهرة والّتي لثمها النّدى فزادها بهاء وحياء ؛ فيخالها تحنو عليه.
عصفور ذعرة الرّبيع الرّشيق هو الآخر له سرّ مع هذه الأشجار حيث، يلتقط بعض الحشرات المتطفّلة في صمت.
ضباح ثعلب جائع على مقربة منه ، نبّهه من حلمه الآسر و الّذي تمنّى لو دام لوقت طويل.
-كم أنا تعيس في هذه الحياة القاسيّة..؟ حدّث نفسه بصوت خفيض ، ثم أردف قائلا :
-الفاقة أذلّتني ونغّصت أيّامي ، وضاع حلمي..!
لحظتها تناهى إليه كلام صديق فنجان قهوته وهو يمنّيه بحياة الجنّة الموعودة هناك ..
حياة فارهة ..نساء شقراوات ، وعيون زرقاء، وأجساد ممشوقة ..حياة باذخة تطمر غبار السّنين .
امتدّت يداه إلى مذياعه الصّغير ، أدار قفل التّشغيل ..صدح :"يا مروّح لبلاد سلّملي عليهم ، قتلني البعاد متوحّش ليهم".
سحابة طائشة حضنت القمر ؛ ساد ظلام مخيف بدّد أفكاره .
الأديب عبد الستار عمورة الجزائر
تعليقات
إرسال تعليق